فقال: إذا اعتزلتم الأصنام، ولم تعتزلوا الله، ولا عبادته فيكون الاستثناء متصلا، ويجوز أن يكون جميعهم كانوا يعبدون الأوثان من دون الله، فيكون الاستثناء منقطعا.
* (فأووا إلى الكهف) * أي: صيروا إليه، واجعلوه مأواكم * (ينشر لكم ربكم من رحمته) * أي: يبسط عليكم ربكم من نعمته * (ويهئ لكم من أمركم مرفقا) * أي:
ويسهل عليكم ما تخافون من الملك وظلمه، ويأتيكم باليسر والرفق واللطف، عن ابن عباس. وكلما ارتفقت فهو مرفق. وقيل: معناه ويصلح لكم من أمر معاشركم ما ترتفقون به. وفي هدا دلالة على عظم منزلة الهجرة في الدين، وعلى قبح المقام في دار الكفر، إذا كان لا يمكن المقام فيها، إلا بإظهار كلمة الكفر، وبالله التوفيق.
* (* وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يظلل فلن تجد له وليا مرشدا (17) وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا (18)) *.
القراءة: قرأ ابن عامر، ويعقوب: * (تزور) * بتشديد الزاي. وقرأ أهل الكوفة: * (تزاور) * بالتخفيف. والباقون: * (تزاور) * بتشديد الزاي. وقرأ أهل الحجاز: * (لملئت) * بالتشديد. والباقون بالتخفيف. وفي الشواذ قراءة الجحدري:
* (تزوار) * وقراءة الحسن: * (وتقلبهم) بفتح التاء والقاف والباء، وضم اللام.
الحجة: من قرأ * (تزاور) * فإنه تتزاور، فأدغم التاء في الزاي. ومن قرأ * (تزاور) *: حذف الثانية وخفف الكلمة بالحذف، كما حذف أولئك بالإدغام. ومن قرأ * (تزور) * فقد قال أبو الحسن: لا معنى له في هذا الموضع، إنما يقال هو مزور عني أي: منقبض عني، يدل عليه قول عنترة:
فازور من وقع القنا بلبانه، * وشكا إلى بعبرة و تحمحم (1)