الدلوك هو الغروب، فلا دلالة فيه عنده، بل يقول أوجب سبحانه إقامة المغرب من عند الغروب إلى وقت اختلاط الظلام الذي هو غروب الشفق. ومن قال الدلوك هو الزوال أمكنه أن يقول إن المراد بالآية بيان وجوب الصلوات الخمس على ما ذكره الحسن، لا بيان وقت صلاة واحدة.
وأقول: إنه يمكن الاستدلال بالآية على ذلك بأن يقال: إن الله سبحانه جعل من دلوك الشمس الذي هو الزوال إلى غسق الليل، وقتا للصلوات الأربع، إلا أن الظهر والعصر اشتركا في الوقت من الزوال إلى الغروب. والمغرب، والعشاء الآخرة اشتركا في الوقت من الغروب إلى الغسق. وأفرد صلاة الفجر بالذكر في قوله * (وقرآن الفجر) * ففي الآية بيان وجوب الصلوات الخمس، وبيان أوقاتها. ويؤيد ذلك ما رواه العياشي بالإسناد عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي هذه الآية قال:
إن الله افترض أربع صلوات، أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل، منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروبها، إلا أن هذه، ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل، إلا أن هذه قبل هذه.
وإلى هذا ذهب المرتضى علم الهدى، قدس روحه، في أوقات الصلوات.
وقال الزجاج: إن في قوله * (وقرآن الفجر) * فائدة عظيمة تدل على أن الصلاة لا تكون إلا بقراءة، لأن قوله * (أقم الصلاة) * وأقم قرآن الفجر، قد أمر فيه أن يقيم الصلاة بالقراءة حتى سميت الصلاة قرآنا، فلا يكون صلاة إلا بقراءة * (إن قرآن الفجر كان مشهودا) * كلهم قالوا معناه: إن صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل، وملائكة النهار.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تفضل صلاة الجماعة صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا، ويجتمع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر، أورده البخاري في الصحيح.
* (ومن الليل فتهجد به) * خطاب للنبي صلى الله عليه و آله وسلم أي: فصل بالقرآن، عن ابن عباس، ولا يكون التهجد إلا بعد النوم، عن مجاهد، والأسود وعلقمة، وأكثر المفسرين. وقال بعضهم: ما تنفلت به في كل الليل يسمى تهجدا، والمتهجد الذي يلقي الهجود عن نفسه، كما يقال المتحرج والمتأثم * (نافلة لك) * أي: زيادة لك على الفرائض، وذلك أن صلاة الليل كانت فريضة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مكتوبة عليه، ولم تكتب على غيره، وكانت فضيلة لغيره، عن ابن عباس. وقيل: كانت واجبة عليه، فنسخ وجوبها بهذه الآية. وقيل: إن معناه فضيلة لك، وكفارة لغيرك،