سبحان الذي أسرى بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وأراه الآيات كلها، كما أرى موسى الآيات والمعجزات الباهرات، وقيل: إن معناه إن كونك نبيا ليس ببدع، فقد آتيناك الكتاب والحجج، كما آتينا موسى التوراة، فلم أقروا به، وأنكروا أمرك، والطريق فيهما واحد؟ وقيل: إن معناه إنهم كفروا بموسى كما كفروا بما أخبرتهم به من اسرائك.
* (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا (4) فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد فجا سوا خلالا الديار وكان وعدا مفعولا (5) ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبين وجعلناكم أكثر نفيرا (6) إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا (7) عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا (8)) *.
القراءة: * (ليسوء) * بفتح الهمزة شامي كوفي، غير حفص، إلا أن الكسائي يقرأ بالنون. والباقون: * (ليسوءوا) * بالياء، وضم الهمزة، على وزن ليسوعوا. وفي الشواذ قراءة ابن عباس: * (لتفسدن) * بضم التاء وفتح السين. وعيسى الثقفي:
* (لتفسدن) * بفتح التاء، وضم السين. وقراءة علي عليه السلام: * (عبيدا لنا) * وقراءة أبي السماك: * (فحاسوا) * بالحاء. وقراءة أبي بن كعب: * (ليسوءا) * بالتنوين.
الحجة: من قرأ * (ليسوء) * بالياء: ففاعل ليسوا يجوز أن يكون أحد شيئين:
إما اسم الله تعالى، لأن الذي تقدم بعثنا ورددنا لكم، وأمددناكم بأموال وبنين. وإما البعث، ودل عليه بعثنا المتقدم كقوله * (لا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم) * أي: البخل خيرا لهم. ومن قرأ * (لنسوء) * بالنون: كان في المعنى، كقول من قدر أن الفاعل ما تقدم من اسم الله تعالى، وجاز أن ينسب المساءة إلى الله تعالى، وإن كانت من الذين جاسوا خلال الديار في الحقيقة، لأنهم فعلوا المساءة بقوة الله تعالى، فجاز أن ينسب إليه. وأما قوله: * (ليسوؤوا) * فمعناه:
إذا جاء وعد الآخرة أي: وعد المرة الأخرى من قوله * (لتفسدن في الأرض مرتين) *