بعضا. ويقال لهم: (لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة) معناه: لقد جئتمونا ضعفاء فقراء فقراء عاجزين في الموضع الذي لا يمل كفيه الحكم غيرنا، كما كنتم في ابتداء الخلق، لا تملكون شيئا. وقيل: معناه ليس معكم شئ مما اكتسبتموه في الدنيا من الأموال، والأولاد، والخدم، تنتفعون به كما كنتم في أول الخلق.
وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يحشر الناس من قبورهم يوم القيامة، حفاة عراة غرلا (1). فقالت عائشة: يا رسول الله! أما يستحي بعضهم من بعض؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه. (بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا) أي: ويقال لهم أيضا: بل زعمتم في دار الدنيا أن الله لم يجعل لكم موعدا للبعث، والجزاء والحساب، يوم القيامة (ووضع الكتاب) أي: ووضع الكتب، فان الكتاب اسم جنس، والمعنى: ووضعت صحائف بني آدم في أيديهم. وقيل:
معناه ووضع الحساب، فعبر عن الحساب بالكتاب، لأنهم يحاسبون على أعمالهم المكتوبة، عن الكلبي. (فترى المجرمين مشفقين مما فيه) أي: خائفين مما فيه من الاعمال السيئة (ويقولون يا ويلتنا) هذه لفظة يقولها الانسان إذا وقع في شدة، فيدعو على نفسه بالويل والثبور (ما لهذا الكتاب) أي لا يترك صغيرة من الذنوب، ولا كبيرة إلا عدها وأثبتها وحواها، وقد مر تفسير الصغيرة والكبيرة في سورة النساء. وأنث الصغيرة والكبيرة بمعنى الفعلة والخصلة (ووجدوا ما عملوا حاضرا) أي: مكتوبا في الكتاب، مثبتا. وقيل: معناه وجدوا جزاء ما عملوا حاضرا، فجعل وجود الجزاء كوجود الاعمال توسعا (ولا يظلم ربك أحدا) معناه: ولا ينقص ربك ثواب محسن، ولا يزيد في عقاب مسئ. وفي هذا دلالة على أنه سبحانه، لا يعاقب الأطفال، لأنه إذا كان لا يزيد في عقوبة المذنب، فكيف يعاقب من ليس بمذنب.
(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا (50) ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم