* (ولم يكن جبارا) * أي: متكبرا متطاولا على الخلق. وقيل: الجبار الذي يقتل ويضرب على الغضب، عن ابن عباس. * (عصيا) * أي: عاصيا لربه، فعيل بمعنى فاعل. * (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) * أي: سلام عليه منا في هذه الأيام، عن عطاء. وقيل: وسلامة وأمان له منا، عن الكلبي، ومعناه: سلامة وأمن له يوم ولد من عبث الشيطان به، وإغوائه إياه، ويوم يموت من بلاء الدنيا، ومن عذاب القبر، ويوم يبعث حيا من هول المطلع، وعذاب النار. وإنما قال * (حيا) * تأكيدا لقوله * (يبعث) * وقيل: يعني أنه يبعث مع الشهداء، لأنهم وصفوا بأنهم أحياء. قال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون الانسان في ثلاثة مواطن: يوم ولد فيرى نفسه خارجا مما كان فيه. ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم، وأحكاما ليس له بها عهد. ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر عظيم. فخص الله سبحانه يحيى بالكرامة، والسلام، والسلامة، في المواطن الثلاثة. وقيل: إن السلام الأول يوم الولادة تفضل، والثاني والثالث على وجه الثواب والجزاء.
* (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا (16) فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا (17) قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا (18) قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا (19) قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا (20)) *.
القراءة: قرأ أبو عمرو، وورش، وقالون، برواية الحلواني، ويعقوب:
* (ليهب) * بالياء. والباقون: * (لأهب) * بالهمزة.
الحجة: قال أبو علي: حجة من قال * (لأهب) * فأسند الفعل إلى المتكلم.
والهبة لله تعالى، ومنه إن الرسول والوكيل قد يسند هذا النحو إلى نفسه، وإن كان الفعل للموكل، أو المرسل، للعلم بأنه مترجم عنه. ومن قال * (ليهب لك) * فهو على تصحيح اللفظ في المعنى. ففي قوله تعالى * (ليهب) * ضمير من قوله * (ربك) *. وهو سبحانه الواهب. وزعموا أن في حرفي أبي وابن مسعود * (ليهب) *. ولو خففت