والحسن، وقتادة * (وحفظناها) * أي: وحفظنا السماء * (من كل شيطان رجيم) * أي:
مرجوم مرمي بالشهب، عن أبي علي الجبائي، وأبي مسلم. وقيل: رجيم ملعون مشؤوم، عن ابن عباس. وحفظ الشئ: جعله على ما ينفي عنه الضياع، فمن ذلك: حفظ القرآن بدرسه حتى لا ينسى، وحفظ المال بإحرازه حتى لا يضيع، وحفظ السماء من الشيطان بالمنع حتى لا يدخلها، ولا يبلغ إلى موضع يتمكن فيه من استراق السمع بما أعد له من الشهاب * (إلا من استرق السمع) * والسرقة عند العرب ان يأتي الانسان إلى حرز خفية، فيأخذ ما ليس له. والمراد بالسمع هنا:
المسموع، والمعنى: إلا من حاول اخذ المسموع من السماء في خفية * (فأتبعه) * أي: لحقه * (شهاب مبين) * أي: شعلة نار ظاهر لأهل الأرض، بين لمن رآه، ونحن في رأي العين نرى كأنهم يرمون بالنجوم والشهاب عمود من نور يضئ ضياء النار لشدة ضيائه.
وروي عن ابن عباس أنه قال: كان في الجاهلية كهنة. ومع كل واحد شيطان، فكان يقعد من السماء مقاعد للسمع، فيستمع من الملائكة ما هو كائن في الأرض، فينزل ويخبر به الكاهن، فيفشيه الكاهن إلى الناس، فلما بعث الله عيسى عليه السلام، منعوا من ثلاث سماوات. ولما بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم منعوا من السماوات كلها، وحرست السماء بالنجوم. فالشهاب من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه لم ير قبل زمانه. وقيل: إن الشهاب يحرق الشياطين ويقتلهم، عن الحسن. قيل: انه يخبل ويحرق، ولا يقتل، عن ابن عباس.
* (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شئ موزون (19) وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين (20) وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله وإلا بقدر معلوم (21) وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له، بخازنين (22) وإنا لنحن نحى ونميت ونحن الوارثون (23) ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين (24) وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم (25)) *.