تخشون؟ وهو استفهام فيه معنى التوبيخ أي: فكيف تعبدون غيره، ولا تتقونه * (وما بكم من نعمة فمن الله) * معناه: ان جميع ما بكم وما لكم من النعم، مثل الصحة في الجسم، والسعة في الرزق ونحو هما، فكل ذلك من عند الله، ومن جهته * (ثم إذا مسكم الضر) * مثل المرض، والشدة، والبلاء، وسوء الحال * (فإليه تجأرون) * أي:
فإليه تتضرعون في كشفه، وإليه ترفعون أصواتكم بالدعاء والاستغاثة لصرفه.
* (ثم إذا كشف الضر عنكم) * معناه: ثم إذا دفع ما حل بكم من الضر، ودفع ما مسكم من المرض، والفقر * (إذا فريق منكم بربهم يشركون) * أي: دعا طائفة منكم إلى الشرك بربهم في العبادة، جهلا منهم بربهم، ومقابلة لنعمه بالكفران والعصيان، وهذا عجب من فعل العاقل المميز * (ليكفروا بما آتيناهم) * معنى اللام هاهنا هو البيان عن العلة التي لأجلها وقع الفعل. والمعنى إنهم بمنزلة من أشرك في عبادة ربه. ليكفر بما آتاه من النعمة، كأنه كان لا غرض له في شركه، إلا هذا والمعنى: لأن يكفروا بأنعامنا عليهم، ورزقنا إياهم. وقيل: إن اللام للأمر على وجه التحديد أي: ليفعلوا ما شاؤوا، فإنه ينزل الله بهم عاقبة كفرهم.
ويوافق هذا القول ما رواه مكحول، عن أبي رافع، قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم * (فيمتعوا فسوف يعلمون) * بالياء فيهما، فإن يمتعوا يكون معطوفا مجزوما، ويجوز أيضا أن يكون معطوفا منصوبا، والمعنى لأن يكفروا فيمتعوا فقوله * (فتمتعوا فسوف تعلمون) * يكون ابتداء خطاب لهم على التهديد والوعيد، يقول: فتمتعوا أيها الكفار في الدنيا قليلا، فسوف تعلمون ما يحل بكم في العاقبة من العقاب، وأليم العذاب، وحذف لدلالة الكلام عليه.
* (ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسئلن عما كنتم تفترون (56) ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون (57) وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم (58) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون (59) للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم (60)) *.