ذكرناه من القطع المتجاورة والجنات والنخيل المختلفة بماء الأنهار، أو بماء السماء * (ويفضل بعضها على بعض في الأكل) * أي: ويفضل الله. ومن قرأ بالنون: فالمعنى نفضل نحن بعضها على بعض في الطعم واللون والطبع، مع أن البئر واحدة، والشرب واحد، والجنس واحد، حتى يكون بعضها حامضا، وبعضها حلوا، وبعضها مرا، فلو كانت بالطبع لما اختلف ألوانها وطعومها، مع كون الأرض والماء والهواء واحدا. وفي هذا أوضح دلالة على أن لهذه الأشياء صانعا قادرا، أحدثها وأبدعها ودبرها على ما تقتضيه حكمته. والأكل: الثمر الذي يؤكل * (إن في ذلك) * أي: في اختلاف ألوانها وطعومها، عن ابن عباس. وقيل: إن فيما تقدم ذكره * (لآيات) * أي: حججا ودلالات * (لقوم يعقلون) * دلائل الله تعالى، ويتفكرون فيها، ويستدلون بها، وروي عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي عليه السلام: الناس من شجر شتى، وانا وأنت من شجرة واحدة ثم قرأ * (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب) * الآية.
* (وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (5) ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب (6) ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد (7).
القراءة: قرأ أبو جعفر: * (إذا كنا) * بغير استفهام * (إنا) * بهمزة واحدة مطولة، وكذلك يفعل بكل استفهامين يجتمعان في القرآن، يستفهم بالثاني، ولا يستفهم بالأول إلا في سورة الصافات، والواقعة. واما نافع ويعقوب وسهل فإنهم يستفهمون بالأول بهمزة واحدة غير مطولة، ولا يستفهمون بالثاني إلا في سورة النمل والعنكبوت، إلا أن قالون عن نافع، وزيدا عن يعقوب يمدان الهمزة مثل أبي جعفر