رسول الله! إئذن لنا في قتالهم؟ فيقول لهم: إني لم أؤمر بشئ. فأنزل الله سبحانه * (قل لعبادي) * الآية، عن الكلبي.
المعنى: ثم أمر سبحانه عباده باتباع الأحسن من الأقوال والأفعال، فقال:
* (وقل) * يا محمد * (لعبادي) * وهذا إضافة تخصيص وتشريف، أراد به المؤمنين.
وقيل: هو عام في جميع المكلفين * (يقولوا التي هي أحسن) * أي: يختاروا من المقالات والمذاهب، المقالة التي هي أحسن المقالات، والمذاهب. وقيل: مرهم يقولوا الكلمة التي هي أحسن الكلمات، وهي كلمة الشهادتين، وكل ما ندب الله إليه من الأقوال. وقيل: معناه يأمروا بما أمر الله به، وينهوا عما نهى الله عنه، عن الحسن. وقيل: معناه قل لهم يقل بعضهم لبعض أحسن ما يقال، مثل: رحمك الله، ويغفر الله لك. وقيل: معناه قل لعبادي إذا سمعوا قولك الحق، وقول المشركين، يقولوا ما هو أولى، ويتبعوا ما هو أحسن، عن أبي مسلم. وقال نظيره:
* (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) *.
* (إن الشيطان ينزغ بينهم) * أي: يفسد بينهم، ويغري بعضهم ببعض، ويلقي بينهم العداوة. * (إن الشيطان كان) * في جميع الأوقات * (للإنسان) * أي: لآدم وذريته * (عدوا مبينا) * مظهرا للعداوة. ثم خاطب سبحانه الفريقين، فقال: * (ربكم أعلم بكم) * معناه: إنه أعلم بأحوالكم، فيدبر أموركم على ما يعلمه من المصلحة لكم * (إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم) * قيل: أراد أنه سبحانه مالك للرحمة والعذاب، فيكون الرجاء إليه، والخوف منه، عن الجبائي. وقيل: معناه إن يشأ يرحمكم بالتوبة، أو إن يشأ يعذبكم بالإصرار على المعصية، عن الحسن: وقيل:
معناه إن يشأ يرحمكم بإخراجكم من مكة، وتخليصكم من إيذاء المشركين، أو إن يشأ يعذبكم بتسليطهم عليكم. وقيل: إن يشأ يرحمكم بفضله، وإن يشأ يعذبكم بعدله، وهو الأظهر. ثم عاد إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: * (وما أرسلناك عليهم وكيلا) * أي: وما أرسلناك موكلا عليهم، حفيظا لأعمالهم، يدخل الإيمان في قلوبهم، شاؤوا أم أبوا. ومعناه: إنك لا تؤاخذ بأعمالهم، فإنا أرسلناك داعيا لهم إلى الإيمان، فإن أجابوك وإلا فلا شئ عليك، فإن عتاب ذلك يحل بهم، واللائمة تلزمهم * (وربك أعلم بمن في السماوات والأرض) * أي: هو أعلم بمن في السماوات من الملائكة، وبمن في الأرض من الأنبياء. بين سبحانه بهذا أنه لم يختر الملائكة