ثقلا. وقد تقدم بيان هذا فيما مضى، وجملته أنه على التمثيل، كما قال في موضع آخر. * (وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا) *.
فالمعنى: كأن على قلوبهم أكنة أن يفقه، وفي آذانهم وقرا أن يسمع. * (وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا) أخبر سبحانه أنهم لا يؤمنون أبدا، وقد خرج مخبره موافقا لخبره، فماتوا على كفرهم * (وربك الغفور ذو الرحمة) * معناه: وربك الساتر على عباده، الغافر لذنوب المؤمنين، ذو النعمة والأفضال على خلقه. وقيل: الغفور التائب ذو الرحمة للمصر، بأن يمهل ولا يعجل. وقيل: الغفور لا يؤاخذهم عاجلا، ذو الرحمة يؤخرهم ليتوبوا * (لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب) * في الدنيا * (بل لهم موعد) * وهو يوم القيامة، والبعث * (لن يجدوا من دونه موئلا) * أي: ملجأ، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: محرزا، عن مجاهد. وقيل: منجا ينجيهم، عن أبي عبيد قال: يقال لا وألت نفسه، أي: لا نجت، قال الأعشى:
وقد أخالس رب البيت غفلته، * وقد يحاذر مني ثم لا يئل وقال الآخر:
لا وألت نفسك خليتها للعامريين، ولم تكلم (1) * (وتلك القرى) *: إشارة إلى قرى عاد، وثمود، وغيرهم. * (أهلكناهم لما ظلموا) * بتكذيب أنبياء الله، وجحود آياته. * (وجعلنا لمهلكهم) * أي: وجعلنا لوقت إهلاكهم، أو لوقت هلاكهم. * (موعدا) * معلوما يهلكون فيه لمصلحة اقتضت تأخيره إليه. وإنما قال سبحانه * (تلك القرى) * ثم قال * (أهلكناهم) *، ولم يقل أهلكناها، لأن القرية هي المسكن نحو المدينة والبلدة، وهي لا تستحق الهلاك، وإنما يستحق الهلاك أهلها، ولذلك قال لما ظلموا يعني أهل القرية الذين أهلكناهم.
* (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا (60) فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا (61) فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62)