وغرضهم الانكار أي الفريقين أي أنحن أم أنتم خير منزلا، ومسكنا أي: موضع إقامة * (وأحسن نديا) * أي: مجلسا. وإنما تفاخروا بالمال، وزينة الدنيا، ولم يتفكروا في العاقبة، ولبسوا على الضعفة بأن من كان ذا مال في الدنيا، فكذلك يكون في الآخرة. ثم نبههم سبحانه على فساد هذا الاعتقاد، بأن قال:
* (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورءيا) * قال ابن عباس: الأثاث المتاع وزينة الدنيا. والرئي: المنظر والهيئة. والمعنى: إن الله تعالى قد أهلك قبلهم أمما وجماعات، كانوا أكثر أموالا، وأحسن منظرا منهم، فأهلك أموالهم، وأفسد عليهم صورهم، ولم تغن عنهم أموالهم، ولا جمالهم، كذلك لا يغني عن هؤلاء. وقيل: إن المعني بالآية النضر بن الحارث وذووه، وكانوا يرجلون شعورهم، ويلبسون خز ثيابهم، ويفتخرون بشارتهم وهيآتهم على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ثم قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: * (قل) * يا محمد * (من كان في الضلالة) * عن الحق، والعدول عن اتباعه * (فليمدد له الرحمن مدا) * هذا لفظ أمر، معناه الخبر، وتأويله:
إن الله سبحانه جعل جزاء ضلالته، أن يمد له، بأن يتركه فيها، كما قال * (ونذرهم في طغيانهم يعمهون) * إلا أن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر، فكأن المتكلم يقول:
أفعل ذلك وأمر نفسي به. فالمعنى: فليعش ما شاء. وأضاف ذلك إلى نفسه، لأنه سبحانه يبقيه في الدنيا أي: فليعش ما شاء الله من السنين والأعوام، فإنه لا ينفعه طول عمره * (حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب) * أي: عذاب الاستئصال، عن الأصم. وقيل: عذاب وقت البأس. وقيل: عذاب القبر. وقيل: عذاب السيف * (وإما الساعة) * أي: القيامة، وعذاب النار * (فسيعلمون) * حين يرون العذاب * (من هو شر مكانا) * أي: أهم أم المؤمنون، لأن مكانهم جهنم، ومكان المؤمنين الجنة * (وأضعف جندا) * أي: ويعلمون أجندهم أضعف، أم جند النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين. وهذا رد لقولهم * (أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا) *.
* (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا و خير مردا (76) أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا (77) اطلع الغيب أمر اتخذ عند الرحمان عهدا (78) كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا (79) ونرثه ما يقول ويأتينا فردا (80) واتخذوا من دون الله