الدنيا إلا قليلا، لسرعة انقلاب الدنيا إلى الآخرة. قال الحسن، وقتادة: استقصروا مدة لبثهم في الدنيا، لما يعلمون من طول لبثهم في الآخرة. ومن المفسرين من يذهب إلى أن هذه الآية خطاب للمؤمنين، لأنهم الذين يستجيبون لله بحمده، ويحمدونه على إحسانه إليهم، ويستقلون مدة لبثهم في البرزخ، لكونهم في قبورهم منعمين غير معذبين، وأيام السرور والرخاء قصار.
* (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا (53) ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا (54) وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا (55) قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا (56) أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا (57)) *.
اللغة: الوسيلة: القربة. والواسل: الراغب. قال لبيد: (بلى كل ذي دين إلى الله واسل). قال الزجاج: الوسيلة، والسؤال، والطلبة، في معنى واحد.
الاعراب: * (يقولوا) *: جواب شرط محذوف تقديره قل لعبادي قولوا التي هي أحسن يقولوا. وكان أبو عثمان يزعم أن * (يقولوا) * واقع موقع قولوا، وهو مبني لأنه وقع موقع قولوا، ووقوع الفعل موقع الفعل المبني، لا يوجب له البناء. ألا ترى أن قوله * (تؤمنون بالله ورسوله) * واقع موقع * (آمنوا) * وهو معرب. وإنما ذلك في الأسماء نحو يا زيد بني لوقوعه موقع يا أنت. (أولئك): رفع بالابتداء. و * (الذين يدعون) *:
صفة لهم. و * (يبتغون) *: خبر الابتداء. وقوله * (أيهم أقرب) *: قال الزجاج: إن شئت كان * (أيهم) * رفعا بالابتداء، والخبر وقوله * (أقرب) * ويكون معناه: ينظرون أيهم أقرب إليه فيتوسلون به. والجملة متعلقة بينظرون المضمرة. ويجوز أن يكون * (أيهم أقرب) * بدلا من الواو في * (يبتغون) *.
النزول: كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بمكة فيقولون: يا