النظم: قيل في اتصال الآية الأولى بما قبلها وجوه أحدها أنها اتصلت بقوله * (ليبين لهم الذي يختلفون فيه) * فيكون المعنى: ليبين لهم، وليعلم الكافرين كونهم كاذبين وليجزي المؤمنين المهاجرين على ما فعلوه من الهجرة. وقيل: لما تقدم ذكر الكفار، وما أعد لهم من الدمار، ودخول النار، عقبه بذكر المؤمنين المهاجرين والأنصار، تحريضا لغيرهم في الاقتداء بهم، فاتصل به اتصال النقيض بالنقيض.
وقيل: إنه لما تقدم ذكر البعث، بين بعده حكم يوم البعث، وأنه ينتصف فيه للمظلوم من الظالم.
* (أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون (45) أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين (46) أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم (47) أولم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيؤوا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون (48) ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون (49) يخافون ربهم فوقهم ويفعلون ما يؤمرون (50)) *.
القراءة: قرأ * (أولم تروا) * بالتاء أهل الكوفة، غير عاصم. والباقون بالياء، وكذلك في العنكبوت. وقرأ أهل البصرة * (تتفيؤوا) * بالتاء، والباقون بالياء.
الحجة: حجة الياء ان ما قبله غيبة، وهو قوله * (ان يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم أو يأخذهم أولم يروا) *. ومن قرأ بالتاء أراد جميع الناس. والتأنيث والتذكير في قوله * (يتفيؤوا ظلاله) * حسنان. وقد تقدم ذكر ذلك في عدة مواضع.
اللغة: التخوف: التنقص، وهو أن يأخذ الأول فالأول، حتى لا يبقى منهم أحد، وتلك حالة يخاف معها الفناء، ويتخوف الهلاك. يقال تخوفه الدهر، قال الشاعر:
تخوف السير منها تامكا قردا كما تخوف عود النبعة السفن (1)