لئلا يصل إليهم أحد، حتى يبلغ الكتاب أجله فيهم. وقيل: كانوا في مكان موحش، من رآه فزع، ولا يمتنع أن الكفار لما أتوا باب الكهف فزعوا من وحشة المكان، فسدوا باب الكهف، ليهلكوا فيه. وجعل سبحانه ذلك لطفا، لئلا ينالهم مكروه، من سبع وغيره، وليكونوا محروسين من كل سوء. وقيل: إنهم كانت أظفارهم قد طالت، وكذلك شعورهم، ولذلك يأخذ الرعب منهم. وهذا لا يصح لقوله تعالى حكاية عنهم * (لبثنا يوما أو بعض يوم) *.
وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: غزوت مع معاوية نحو الروم، فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم! فقلت له: ليس هذا لك، فقد منع ذلك من هو خير منك، قال الله تعالى: * (لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) * فقال معاوية: لا أنتهي حتى أعلم علمهم. فبعث رجالا فلما دخلوا الكهف أرسل الله عليهم ريحا أخرجتهم.
* (وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا (19) إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا (20)) *.
القراءة: قرأ أبو عمرو، وأبو بكر، وحمزة، وخلف: * (بورقكم) * ساكنة الراء. والباقون بكسر الراء. وروي عن أبي عمرو بإدغام الكاف في القاف. وفي الشواذ قراءة أبي رجاء: * (بورقكم) * بكسر الواو، والإدغام.
الحجة: في ورقكم أربع لغات: فتح الواو، وكسر الراء، وهو الأصل. وفتح الواو، وسكون الراء. وكسر الواو، وسكون الراء. والإدغام. قال ابن جني: هذا عند أصحابنا مخفي غير مدغم، لكنه أخفى كسرة القاف، فظنها القراء مدغمة، ومعاذ الله! لو كانت مدغمة لوجب نقل كسرة القاف إلى الراء، كقولهم برد وبرق.