* (الذين جعلوا القرآن عضين) * أي: فرقوه وجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه، عن قتادة، قال: آمنوا بما وافق دينهم، وكفروا بما خالف دينهم. وقيل: سماهم مقتسمين، لأنهم اقتسموا كتب الله تعالى فآمنوا ببعضها، وكفروا ببعضها، عن ابن عباس والآخر: إن معناه إني أنذركم عذابا كما أنزلنا على المقتسمين الذين اقتسموا طرق مكة، يصدون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والإيمان به. قال مقاتل: وكانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم، يقولون لمن أتى مكة: لا تغتروا بالخارج منا، والمدعي النبوة، فأنزل الله بهم عذابا، فماتوا شر ميتة، ثم وصفهم فقال: * (الذين جعلوا القرآن عضين) * أي جزأوه أجزاء، فقالوا: سحر، وقالوا: أساطير الأولين، وقالوا: مفترى، عن ابن عباس.
النظم: وجه اتصال الآية الأولى بما قبلها، هو أن الأمم لما خالفوا الحق أهلكوا، لأن الله تعالى ما خلق السماوات والأرض إلا بالحق، وإن الساعة آتية للجزاء، وإن جميع ما خلق الله يرجع إلى عالم يدبره، واتصل قوله * (ولقد آتيناك سبعا من المثاني) * بقوله * (فاصفح الصفح الجميل) * فإنه سبحانه لما أمره بالصفح عن أذاهم، بين ما خصه الله به من النعم، وما له من الحجة عليهم، واتصل قوله * (كما أنزلنا) * على القول الأول بهذا أي: كما أنزلنا عليهم أنزلنا إليك القرآن، وعلى القول الثاني، يتصل بقوله * (أنا النذير) *.
* (فوربك لنسئلنهم أجمعين (92) عما كانوا يعملون (93) فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين (94) إنا كفيناك المستهزئين (95) الذين يجعلون مع الله إلاها آخر فسوف يعلمون (96) ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون (97) فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين (98) واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (99)) *.
اللغة: الصدع، والفرق، والفصل، نظائر. وصدع بالحق: إذا تكلم به جهارا، قال أبو ذؤيب:
وكأنهن ربابة، وكأنه يسر يفيض على القداح، ويصدع (1)