في باطنه، فإنه بخلافه.
* (ولكن من شرح بالكفر صدرا) * أي: من اتسع قلبه للكفر، وطابت نفسه به * (فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) * وله العذاب في الآخرة. ثم أشار سبحانه إلى العذاب العظيم، فقال: * (ذلك بأنه استحبوا) * أي: آثروا * (الحياة الدنيا) * والتلذذ فيها، والركون إليها * (على الآخرة) * عنى بذلك أنهم فعلوا ما فعلوه للدنيا، طلبا لها، دون طلب الآخرة * (وأن الله لا يهدي القوم الكافرين) * قد سبق معناه * (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) * قد سبق معنى الطبع على القلوب، والسمع، والأبصار، في سورة البقرة * (وأولئك هم الغافلون) * وصفهم بعموم الغفلة، مع أن الخواطر تزعجهم لجهلهم عما يؤدي إليه حالهم في الآخرة.
وقيل: أراد أنهم بمنزلة الغافلين، فيكون تهجينا لهم، وذما. ثم قال: * (لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون) * هذا تأكيد لحكم الخسار عليهم، يعني أنهم هم المغبونون إذ حرموا الجنة ونعيمها، وعذبوا في النار * (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) * أي عذبوا في الله، وارتدوا على الكفر، فأعطوهم بعد ما أرادوا، ليسلموا من شرهم * (ثم جاهدوا) * مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم * (وصبروا) * على الدين، والجهاد * (إن ربك من بعدها) * أي: من بعد تلك الفتنة، أو تلك الفعلة التي فعلوها من التفوه بكلمة الكفر * (لغفور رحيم) *.
النظم: واتصلت هذه الآية الأخيرة بقوله: * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) *، فبين سبحانه حالهم بعدما تخلصوا من المشركين، وهاجروا وجاهدوا، عن أبي مسلم، وقيل إنه لما تقدم ذكر الخاسرين، أتبعه سبحانه بذكر من ربحت صفقته، وهو من هاجر وجاهد.
* (* يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون (111) وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (112) ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذ هم العذاب وهم ظالمون (113) فكلوا مما رزقكم الله