* (وإن ما نرينك) * يا محمد * (بعض الذي نعدهم) * أي: نعد هؤلاء الكفار من نصر المؤمنين عليهم بتمكينك منهم بالقتل والأسر، واغتنام الأموال * (أو نتوفينك) * أي: ونقبضنك إلينا قبل أن نريك ذلك. وبين بهذا أنه يكون بعض ذلك في حياته، وبعضه بعد وفاته، أي: فلا تنتظر أن يكون جميع ذلك في أيام حياتك، وأن يكون مما لا بد أن تراه * (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) * أي: عليك أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم، وتقول بما أمرناك بالقيام به، وعلينا حسابهم ومجازاتهم، والانتقام منهم، إما عاجلا، وإما آجلا. وفي هذه دلالة على أن الاسلام سيظهر على سائر الأديان، ويبطل الشرك في أيامه، وبعد وفاته. وقد وقع المخبر به على وفق الخبر.
النظم: اتصلت الآية الأولى بما تقدمها من قولهم * (لولا أنزل عليه آية من ربه) * فبين سبحانه أنه بشر كما أن الرسل الذين كانوا قبله كانوا بشرا، والبشر لا يقدر على الآيات، بل إنما يأتي سبحانه بها إذا اقتضت المصلحة ذلك، عن أبي مسلم.
وقيل: انه لما تقدم ذكر إرساله، بين سبحانه أنه أرسل قبله بشرا، كما أرسله، فحاله مثل حالهم، عن القاضي. وإنما اتصلت الآية الثانية بقوله * (لكل أجل كتاب) *، لأن الظاهر اقتضى أن يكون كل مكتوب لا يجوز محوه، فبين سبحانه أنه يمحو ما يشاء ويثبت، لئلا يتوهم أن المعصية مثبتة مع التوبة، كما أنها كذلك قبل التوبة، عن علي بن عيسى. وقيل: لما نزلت * (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله) * قالت قريش: ما نراك يا محمد تملك شيئا، فلقد فرغ من الأمر؟ فأنزل هذه الآية تخويفا ووعيدا لهم، إنا لو شئنا أحدثنا من أمرنا ما شئنا، ونمحو ونثبت في ليلة القدر ما نشاء من أرزاق الناس ومصائبهم، عن مجاهد، وإنما اتصل قوله * (وإن ما نرينك) * الآية، بما قبله من وعيد الله بالعذاب، فبين سبحانه أنه يفعل ذلك لا محالة، إما في حياته، أو بعد وفاته، بشارة له. وقيل: انه لما تقدم أن لكل أجل كتابا، بين أن لعذابهم وقتا سيفعله فيه لا محالة، إما في حياته، أو بعد وفاته.
* (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب (41) وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار (42) ويقول الذين كفروا لست