كانوا كاذبين، ويجوز أن يتعلق بقوله: * (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا) * أي: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ليبين لهم اختلافهم، و * (قولنا) *: مرفوع بالابتداء وخبره أن القول. والمعنى: إنما قولنا لكل مراد قولنا له كن.
النزول: قالوا: كان لرجل من المسلمين على مشرك دين، فتقاضاه، فوقع في كلامه والذي أرجوه بعد الموت أنه لكذا. فقال المشرك: وإنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت، وأقسم بالله لا يبعث الله من يموت، فأنزل الله الآية، عن أبي العالية.
المعنى: ثم حكى سبحانه عن المشركين نوعا آخر من كفرهم، فقال:
* (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) * أي: حلفوا بالله مجتهدين في أيمانهم، والمعنى:
إنهم قد بلغوا في القسم كل مبلغ * (لا يبعث الله من يموت) * أي: لا يحشر الله أحدا يوم القيامة، ولا يحيي من يموت، بعد موته، ثم كذبهم الله تعالى في ذلك، فقال:
* (بلى) * يحشرهم الله، ويبعثهم * (وعدا) * وعدهم به * (عليه) * إنجازه وتحقيقه من حيث الحكمة * (حقا) * ذلك الوعد ليس له خلف، إذ لولا البعث لما حسن التكليف، لأن التكليف إنما يحسن لإثابة من عوض به * (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * صحة ذلك لكفرهم بالله، وجحدهم نبوة أنبيائه. وقيل: لا يعلمون وجه الحكمة في البعث، فلا يؤمنون به * (ليبين لهم الذي يختلفون فيه) * هذا بيان من الله تعالى أنه إنما يحشر الخلائق يوم القيامة، ليبين لهم الحق فيما كانوا يختلفون فيه في دار الدنيا، لأنه يخلق فيهم العلم الضروري يوم القيامة، الذي يزول معه التكليف * (وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) * في الدنيا في قولهم إن الله لا يبعث أحدا بعد موته، وإذا تعلق اللام قوله * (ولقد بعثنا) * فالمعنى بعثنا إلى كل أمة رسولا، ليبين لهم ذلك الرسول ما يختلفون فيه، ويهديهم إلى طريق الحق، وينبههم عليه * (إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) * قد ذكرنا تفسيره في سورة البقرة، والمراد به هاهنا بيان أنه قادر على البعث، لا يتعذر عليه ذلك، فإنه إذا أراد شيئا كونه.
* (والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون (41) الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون (42) وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (43) بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم