(سؤال): فإن قيل هل يجوز أن يريد المكلف بعمله العاجل والآجل؟
والجواب: نعم إذا جعل العاجل تبعا للآجل، كالمجاهد في سبيل الله، يقاتل لإعزاز الدين، ويجعل الغنيمة تبعا * (أنظر) * يا محمد * (كيف فضلنا بعضهم على بعض) * بأن جعلنا بعضهم أغنياء، وبعضهم فقراء، وبعضهم موالي، وبعضهم عبيدا، وبعضهم أصحاء، وبعضهم مرضى، على حسب ما علمناه من المصالح * (وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا) * أي: درجاتها ومراتبها أعلى وأفضل، وهي مستحقة على قدر الأعمال، فينبغي أن تكون رغبتهم في الآخرة، وسعيهم لها أكثر. قد روي أن ما بين أعلى درجات الجنة، وأسفلها، ما بين السماء والأرض. وفي الآية دلالة على أن الطاعة لا تزيد في رزق الدنيا، وإنما تزيد في درجات الآخرة.
* (لا تجعل مع الله إلها آخر) * قيل: إن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد به أمته وقيل: معناه لا تجعل أيها السامع، أو أيها الانسان، مع الله إلها آخر في اعتقادك وإقرارك، ولا في عبادتك، ولا في رغبتك ورهبتك * (فتقعد مذموما مخذولا) * معناه:
فإنك إن فعلت ذلك، قعدت وبقيت ما عشت مذموما على لسان العقلاء، مخذولا، ولا ناصر لك يمنع الله نصرته عنك، ويكلك إلى ما أشركت به. وقيل: معنى القعود: الذل، والخزي، والخسران، والعجز، لا الجلوس كما يقال قعد به الضعف عن القتال أي: عجز عنه.
النظم: وجه اتصال الآية الأولى بما قبلها، أنها اتصلت بقوله * (حتى يبعث رسولا) * والمعنى: انه لا يعذب إلا بعد إرسال الرسل، وتقديم الأمر والنهي، وإتمام النعمة في الإنذار والإعذار، وظهور العصيان من الكفار والفجار. وقيل: إنها تتصل بما تقدم من قصة بني إسرائيل، وما فعل بهم في الكرة الأولى والثانية، فبين سبحانه أن ما فعله موافق لعادته فيمن يريد إهلاكه، فإنما يهلك القرى إذا أمر مترفيها بالطاعة ففسقوا، فيكون إهلاكهم بالاستحقاق، لا على الابتداء.
* (* وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسنا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا (24) ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين