على توحيد الله، وعدله، وأنه لا شريك له في الإلهية، وجرى ذلك مجرى التسبيح باللفظ. وربما يكون التسبيح من طريق الدلالة أقوى، لأنه يؤدي إلى العلم * (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) * أي: ليس شئ من الموجودات إلا ويسبح بحمد الله تعالى من جهة خلقته، إذ كل موجود سوى القديم حادث يدعو إلى تعظيمه لحاجته إلى صانع غير مصنوع صنعه، أو صنع من صنعه، فهو يدعو إلى تثبيت قديم غني بنفسه عن كل شئ سواه، ولا يجوز عليه ما يجوز على المحدثات. وقيل: إن معناه وما من شئ من الأحياء إلا يسبح بحمده، عن الحسن. وقيل: إن كل شئ على العموم من الوحوش والطيور والجمادات، يسبح الله تعالى، حتى صرير الباب، وخرير الماء، عن إبراهيم وجماعة * (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) * أي: لا تعلمون تسبيح هذه الأشياء، حيث لم تنظروا فيها، فتعلموا كيف دلالتها على توحيده * (إنه كان حليما) * يمهلكم ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفركم * (غفورا) * لكم إذا تبتم، وأنبتم إليه.
* (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالأخرة حجابا مستورا (45) وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا (46) نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا (47) انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا (48)) *.
اللغة: الوقر: بالفتح، الثقل في الأذن. وبالكسر: الحمل. والأصل فيه الثقل، إلا أنه خولف بين البناءين للفرق. والنفور: جمع نافر. وهذا الجمع قياس في كل فاعل اشتق من فعل مصدره على فعول، مثل ركوع، وسجود، وشهود.
والنجوى: مصدر يوصف به الواحد، والاثنان، والجمع، والمذكر، والمؤنث، وهو مقر على لفظه.
الاعراب: قوله * (أن يفقهوه) *: في موضع نصب بأنه مفعول له، على كراهة أن يفقهوه. * (نفورا) *: نصب على الحال، وتقديره ولوا نافرين. وقيل: انه مصدر، ولو أخرج على غير لفظه، لأن معنى ولوا نفروا، فكأنه قال: نفروا نفورا