من كثير. وعلى هذا فغير منكر أن يكون الأنبياء أفضل من الملائكة، وإن كان جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم. ومتى قيل: إذا كان معنى التكريم والتفضيل، واحدا، فما معنى التكرار؟ فجوابه: إن قوله * (كرمنا) * ينبئ عن الإنعام، ولا ينبئ عن التفضل، فجاء بلفظ التفضيل ليدل عليه. وقيل: إن التكريم يتناول نعم الدنيا، والتفضيل: يتناول نعم الآخرة. وقيل: إن التكريم. بالنعم التي لا يصح بها التكليف، والتفضيل بالتكليف الذي عرضهم به للمنازل العالية * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) * فيه أقوال أحدها: إن معناه بنبيهم، عن مجاهد، وقتادة، ويكون المعنى على هذا أن ينادى يوم القيامة فيقال: هاتوا متبعي إبراهيم، هاتوا متبعي موسى، هاتوا متبعي محمد، فيقوم أهل الحق الذين اتبعوا الأنبياء، فيأخذون كتبهم بأسمائهم. ثم يقال: هاتوا متبعي الشيطان، وهاتوا متبعي رؤساء الضلالة. وهذا معنى ما رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وروي أيضا عن علي عليه السلام: إن الأئمة إمام هدى وإمام ضلالة. ورواه الوالبي عنه بأئمتهم في الخير والشر وثانيها: معناه بكتابهم الذي أنزل عليهم من أوامر الله ونواهيه، فيقال: يا أهل القرآن! ويا أهل التوراة! عن ابن زيد، والضحاك وثالثها:
إن معناه بمن كانوا يأتمون به من علمائهم وأئمتهم، عن الجبائي، وأبي عبيدة.
ويجمع هذه الأقوال ما رواه الخاص والعام: عن الرضا علي بن موسى عليه السلام، بالأسانيد الصحيحة أنه روى عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال فيه: يدعى كل أناس بإمام زمانهم، وكتاب ربهم، وسنة نبيهم. وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ألا تحمدون الله إذا كان يوم القيامة، فدعا كل قوم إلا من يتولونه، ودعانا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفزعتم إلينا، فإلى أين ترون يذهب بكم؟ إلى الجنة ورب الكعبة! قالها ثلاثا. ورابعها: إن معناه بكتابهم الذي فيه أعمالهم، عن ابن عباس في رواية أخري، والحسن، وأبي العالية وخامسها: معناه بأمهاتهم، عن محمد بن كعب * (فمن أتى كتابه بيمينه) * أي: فمن أعطي كتاب عمله الذي فيه طاعاته وثواب أعماله بيمينه * (فأولئك يقرأون كتابهم) * فرحين مسرورين، لا يجنبون عن قراءته لما يرون فيه من الجزاء، والثواب * (ولا يظلمون فتيلا) * أي: لا ينقصون ثواب أعمالهم مقدار فتيل، وهو المفتول الذي في شق النواة، عن قتادة. وقيل: الفتيل في بطن النواة، والنقير في ظهرها، والقطمير قشر النواة، عن الحسن. جعل الله إعطاء الكتاب باليمين علامة الرضا والخلاص، وإعطاء الكتاب باليسار، ومن وراء الظهر،