وقيل: إنه كلمهم، وهو ابن أربعين يوما، عن وهب. وقيل: يوم ولد، عن ابن عباس، وأكثر المفسرين هو الظاهر. وقيل: إن معناه إني عبد الله سيؤتيني الكتاب، وسيجعلني نبيا. وكان ذلك معجزة لمريم عليه السلام على براءة ساحتها.
* (وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (31) وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا (32) والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا (33) ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون (34) ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (35)) *.
القراءة: قرأ عاصم، وابن عامر، ويعقوب: * (قول الحق) * بالنصب.
والباقون بالرفع. وفي الشواذ قراءة أبي مجلز، وأبي نهيك: * (وبرا بوالدتي) * بكسر الباء.
الحجة: قال أبو علي: * (قول الحق) * الرفع فيه على أن قوله * (ذلك عيسى بن مريم) * كلام والمبتدأ المضمر ما دل عليه هذا الكلام أي: هذا الكلام قول الحق.
ويجوز أن يضمر هو ويجعله كناية عن عيسى عليه السلام أي: هو قول الحق، لأنه قد قيل فيه * (روح الله وكلمته) *. والكلمة قول. وأما النصب فعلى أن قوله * (ذلك عيسى بن مريم) * يدل على أحق قول الحق، وتقول: هذا زيد الحق، لا الباطل، لأن قولك هذا زيد عندك بمنزلة أحق، فكأنك قلت أحق الحق وأحق قول الحق. ومن قال * (وبرا بوالدتي) *: فكأنه قال وألزمني برا بوالدتي، ويكون معطوفا على موضع الجار والمجرور من قوله * (وأوصاني بالصلاة والزكاة) * وعليه بيت الكتاب: (يذهبن في نجد وغورا غائرا) أي: ويسلكن غورا. وإن شئت حملته على حذف المضاف بمعنى وجعلني ذا بر، وإن شئت جعلته إياه على المبالغة، كقول الخنساء: (فإنما هي إقبال وإدبار) (1).