عليكم، فنغرقكم) كله بالنون. وقرأ أبو جعفر، ويعقوب: (فتغرقكم) بالتاء.
و الباقي بالياء. وقرأ الباقون كلها بالياء.
الحجة: من قرأ الجميع بالياء فلما تقدم من قوله * (ضل من يدعون إلا إياه فلما نجاكم) *. ومن قرأ بالنون فلان هذا النحو قد تقطع بعضه من بعض، ولأن الانتقال من الغيبة إلى الخطاب جائز. ومن قرأ * (فتغرقكم) * بالتاء فإنه رد الضمير المؤنث في * (فتغرقكم) * إلى * (الريح) *.
اللغة: الإزجاء: سوق الشئ حالا بعد حال. والحاصب من قولهم حصبه بالحجارة يحصبه حصبا: إذا رماه بها رميا متتابعا. قال القتيبي: الحاصب الريح التي ترمي بالحصباء، وهي الحصا الصغار، قال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام يضربنا بحاصب كنديف القطن مندوف (1) والقاصف: الكاسر بشدة، قصفه يقصفه قصفا.
المعنى: لما تقدم ذكر الشيطان، وذكر المشركين، وعبدة الأوثان، احتج عليهم سبحانه بدلائل التوحيد والإيمان، فقال: * (ربكم) * أي: خالقكم ومدبركم * (الذي يزجي لكم الفلك) * أي: يجري لكم السفن * (في البحر) * بما خلق من الرياح، وبأن جعل الماء على وجه يمكن جري السفن فيه * (لتبتغوا من فضله) * أي:
لتطلبوا من فضل الله تعالى بركوب السفن على وجه الماء، فيما فيه صلاح دنياكم من التجارة، أو صلاح دينكم من الغرق * (إنه كان بكم رحيما) * حيث أنعم عليكم بهذه النعم * (وإذا مسكم الضر) * أي: الشدة * (في البحر) * بسكون الرياح واحتباس السفن، أو باضطراب الأمواج، وغير ذلك من أهوال البحر * (ضل من تدعون إلا إياه) * أي: ذهب عنكم ذكر كل معبود إلا الله، فلا ترجون هناك النجاة إلا من عنده، فتدعونه، ولا تدعون غيره * (فلما نجاكم) * من البحر * (إلى البر) * وأمنتم الغرق * (أعرضتم) * عن الإيمان به، وعن طاعته، كفرانا للنعمة * (وكان الانسان كفورا) * أي: كثير الكفران * (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر) * معناه: إن فعلكم هذا فعل من يتوهم أنه إذا صار إلى البر، أمن المكاره حتى أعرضتم عن شكر الله وطاعته، فهل أمنتم أن يخسف بكم أي: يغيبكم ويذهبكم في جانب البر، وهو الأرض،