واختلاف العلماء فيه، وما لكل واحد من الفريقين من الحجج، وذكرنا ما يتعلق بذلك من الكلام في سورة البقرة، فلا معنى للإعادة، وأن يكون في محل نصب أي: أبى الكون مع الساجدين * (قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين) * قال الزجاج: معناه أي شئ يقع لك في أن لا تكون مع الساجدين؟ فموضع * (ان) * نصب بإسقاط في وافضاء الناصب إلى أن. وهذا خطاب من الله سبحانه لإبليس، ومعناه لم لا تكون مع الساجدين فتسجد كما سجدوا، وإنما قال سبحانه بنفسه على جهة الإهانة له، كما يقول لأهل النار اخسأوا فيها ولا تكلمون. وقال الجبائي: إنما قال سبحانه ذلك على لسان بعض رسله، لأنه لا يصح ان يكلمه الله بلا واسطة في زمان التكليف * (قال) * أي: قال إبليس مجيبا لهذا الكلام * (لم أكن لأسجد) * أي: ما كنت لأسجد. وقيل: معناه ما كان ينبغي أن أسجد * (لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون) * لأني أشرف أصلا منه، ولم يعلم أن التفاضل بالدين والأعمال لا بالأصل. * (قال فاخرج منها) * أي: من الجنة.
* (فإنك رجيم) * أي: مشؤوم مطرود ملعون. وقيل: معناه اخرج من السماء، عن أبي مسلم. وقيل: من الأرض فألحقه بالبحار، لا يدخل الأرض إلا كالسارق.
وقيل: رجيم مرجوم أي: إن رجعت إلى السماء رجمت بمثل الشهب التي يرجم به الشياطين. عن الجبائي * (وإن عليك اللعنة) * أي: وإن عليك مع ذلك اللعنة أي:
الإبعاد من رحمة الله، ولذلك لا يجوز أن يلعن بهيمة * (إلى يوم الدين) * أي: يوم الجزاء، وهو يوم القيامة، والمراد أن الله سبحانه قد لعنك، وأهل السماء والأرض يلعنونك لعنة لازمة لك إلى يوم القيامة، ثم يحصل بعد ذلك على الجزاء بعذاب النار، وفيه بيان انه لا يؤمن قط. وقال بعض المحققين: إنما قال سبحانه هنا:
* (وان عليك اللعنة) *، بالألف واللام. وقال في سورة ص: * (لعنتي) * بالإضافة، لأن هناك يقول * (لما خلقت بيدي) * مضافا فقال: * (وان عليك لعنتي) * على المطابقة، وقال هنا ما لك ألا تكون مع الساجدين، وساق الآية على اللام في قوله: * (ولقد خلقنا الانسان) *، وقوله: * (والجان) * فأتى باللام أيضا في قوله: * (وإن عليك اللعنة) *.
* (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون (36) قال فإنك من المنظرين (37) إلى يوم الوقت المعلوم (38) قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم