من دوني أربابا ينصرونهم، ويدفعون عقابي عنهم، والمراد بالعباد: المسيح والملائكة الذين عبدوهم من دون الله، وهم براء منهم، ومن كل مشرك بالله تعالى.
وقيل: معناه أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا من دوني آلهة، وأنا لا أغضب لنفسي عليهم، ولا أعاقبهم، عن ابن عباس. ويدل على هذا المحذوف قوله: * (إنا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا) * أي: منزلا، عن الزجاج، وهو معنى قول ابن عباس، يريد هي مثواهم ومصيرهم. وقيل: معناه إنا جعلنا جهنم معدة، مهيأة للكافرين عندنا، كما يهيأ النزل للضيف. * (قل) * يا محمد * (هل ننبئكم) * أي: هل نخبركم * (بالأخسرين أعمالا) * أي: بأخسر الناس أعمالا، والمعنى بالقوم الذين هم أخسر الناس فيما عملوا وهم كفار أهل الكتاب، اليهود، والنصارى * (الذين ضل سعيهم) * أي: بطل عملهم واجتهادهم.
* (في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) * أي: يظنون أنهم بفعلهم محسنون، وأن أفعالهم طاعة وقربة. وروى العياشي بإسناده قال: قام ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فسأله عن أهل هذه الآية، فقال: أولئك أهل الكتاب، كفروا بربهم، وابتدعوا في دينهم، فحبطت أعمالهم، وما أهل النهر منهم ببعيد - يعني الخوارج - * (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم) * أي: جحدوا بحجج الله وبيناته، ولقاء جزائه في الآخرة، فبطلت وضاعت أعمالهم التي عملوها، لأنهم أوقعوها على خلاف الوجه الذي أمرهم الله به * (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) * أي: لا قيمة لهم عندنا، ولا كرامة، ولا نعتد بهم، بل نستخف بهم، ونعاقبهم. تقول العرب: ما لفلان عندنا وزن أي: قدر ومنزلة. ويوصف الجاهل بأنه لا وزن له، لخفته بسرعة بطشه، وقلة تثبته.
وروي في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن جناح بعوضة * (ذلك جزاؤهم جهنم) * معناه: الأمر ذلك الذي ذكرت من حبوط أعمالهم، وخيبة قدرهم. ثم ابتدأ سبحانه فقال: جزاؤهم جهنم * (بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا) * أي: بكفرهم واتخاذهم آياتي أي: أدلتي الدالة على توحيدي، يعني القرآن، ورسلي هزوا أي مهزوءا به.
* (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا (107) خالدين