عند العين ناسا * (قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا) * في هذا دلالة على أن القوم كانوا كفارا، والمعنى: إما أن تعذب بالقتل من أقام منهم على الشرك، وإما أن تأسرهم وتمسكهم بعد الأمر، لتعلمهم الهدى، وتستنقذهم من العمى. وقيل: معناه وإما أن تعفو عنهم. واستدل من ذهب إلى أن ذو القرنين كان نبيا بهذا، قال: لأن أمر الله تعالى لا يعلم إلا بالوحي، والوحي لا يجوز إلا على الأنبياء. وقال الكلبي: إن الله تعالى ألهمه، ولم يوح إليه. وقال ابن الأنباري: إن كان ذو القرنين نبيا، فإن الله تعالى قال له كما يقول للأنبياء، إما بتكليم، أو بوحي، وإن لم يكن نبيا، فإن معنى قلنا: ألهمنا، لأن الإلهام ينوب عن الوحي. قال سبحانه: * (وأوحينا إلى أم موسى) * أي: وألهمناها. قال قتادة: فقضى ذو القرنين فيهم بقضاء الله تعالى، وكان عالما بالسياسة. * (قال أما من ظلم) * أي: أشرك، عن ابن عباس * (فسوف نعذبه) * أي: نقتله إذا لم يرجع عن الشرك * (ثم يرد إلى ربه) * بعد قتلي إياه * (فيعذبه عذابا نكرا) * أي: منكرا غير معهود، يعني في النار، وهو أشد من القتل في الدنيا.
* (وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا (88) ثم أتبع سببا (89) حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا (90) كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا (91) ثم أتبع سببا (92)) *.
القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير أبي بكر، ويعقوب: * (فله جزاء) * بالنصب والتنوين. والباقون: * (جزاء الحسنى) * بالرفع، والإضافة.
الحجة: قال أبو علي: من قال * (فله جزاء الحسنى) * كان المعنى: فله جزاء الخلال الحسنى التي عملها، لأن الإيمان والعمل الصالح خلال. ومن قال * (فله جزاء الحسنى) * فالمعنى: له الحسنى جزاء. فجزاء مصدر وقع موقع الحال، أي:
فله الحسنى مجزية. وقال أبو الحسن: وهذا لا يكاد العرب تتكلم به مقدما إلا في الشعر.
المعنى: * (وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى) * مر معناه * (وسنقول له من أمرنا يسرا) * أي: سنقول له قولا جميلا، وسنأمره بما يتيسر عليه، ولا نؤاخذه