والنطق، والتمييز، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: إنهم يأكلون باليد، وكل دابة تأكل بفمها، رواه ميمون بن مهران، عن ابن عباس. وقيل: بتعديل القامة وامتدادها، عن عطاء. وقيل: بالأصابع، يعملون بها ما يشاؤون، روى ذلك جابر بن عبد الله. وقيل: بتسليطهم على غيرهم، وتسخير سائر الحيوانات لهم، عن ابن جرير. وقيل: بأن جعل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، منهم، عن محمد بن كعب. وقيل:
بأنهم يعرفون الله، ويأتمرون بأمره. وقيل: بجميع ذلك وغيره من النعم التي خصوا بها، وهو الأوجه.
* (وحملناهم في البر والبحر) * في البر: على الإبل، والخيل، والبغال، والحمير. وفي البحر: على السفن * (ورزقناهم من الطيبات) * أي: من الثمار والفواكه والأشياء الطيبة، وسائر الملاذ التي خص بها بنو آدم، ولم يشركهم شئ من الحيوان فيها * (وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) * استدل بعضهم بهذا على أن الملائكة أفضل من الأنبياء، قال: لأن قوله * (على كثير) * يدل على أن ههنا من لم يفضلهم عليه، وليس إلا الملائكة، لأن بني آدم أفضل من كل حيوان سوى الملائكة بالاتفاق. وهذا باطل من وجوه أحدها: إن التفضيل ههنا لم يرد به الثواب، لأن الثواب لا يجوز التفضيل به ابتداء، وإنما المراد بذلك ما فضلهم الله به من فنون النعم التي عددنا بعضها وثانيها: إن المراد بالكثير الجميع، فوضع الكثير موضع الجميع، والمعنى: إنا فضلناهم على من خلقنا، وهم كثير، كما يقال: بذلت له العريض من جاهي، وأبحته المنيع من حريمي، ولا يراد بذلك أني بذلت له عريض جاهي، ومنعته ما ليس بعريض، وأبحته منيع حريمي، ولم أبحه ما ليس منيعا. بل المقصود أني بذلت له جاهي الذي من صفته أنه عريض. وفي القرآن ومحاورات العرب من ذلك ما لا يحصى، ولا يخفى ذلك على من عرف كلامهم. قال سويد بن أبي كاهل في شعره:
من أناس ليس في أخلاقهم عاجل الفحش، ولا سوء الجزع ولم يرد أن في أخلاقهم فحشا آجلا، ولو أراد ذلك لم يكن مادحا لهم وثالثها:
إنه إذا سلم أن المراد بالتفضيل زيادة الثواب، وإن لفظة من في قوله * (ممن خلقنا) * بفيد التبعيض، فلا يمتنع أن يكون جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم، لأن الفضل في الملائكة عام لجميعهم، أو أكثرهم، والفضل في بني آدم يختص بقليل