الملائكة، وإنما سماهم ضيفا، لأنهم جاؤوه في صورة الأضياف * (فقالوا سلاما) * أي: سلموا عليه سلاما على وجه الدعاء والتحية، وبشروه بالولد، وبإهلاك قوم لوط * (قال) * إبراهيم: * (إنا منكم وجلون) * أي: خائفون * (قالوا لا توجل) * أي: لا تخف * (إنا نبشرك) * أي: نخبرك بما يسرك * (بغلام عليم) * أي: بولد يكون غلاما إذا ولد، ويكون عليما إذا بلغ * (قال) * إبراهيم * (أبشرتموني) * بالمولود * (على أن مسني الكبر) * أي: في حال الكبر الذي يوجب اليأس عن الولد * (فبم تبشرون) * أبأمر الله تعالى فأثق به، أم من جهة أنفسكم؟ ومعنى مسني الكبر: غيرني الكبر عن حال الشباب الذي يطمع في الولد إلى حال الهرم. وقيل: معناه عن رأس الكبر.
* (قالوا بشرناك بالحق) * أي: قالت الملائكة لإبراهيم: إنا بشرناك بذلك على وجه الحقيقة بأمر الله * (فلا تكن من القانطين) * أي: اليائسين، فأجابهم إبراهيم عليه السلام بأن * (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) * أي: ومن الذي ييأس من رحمة الله، وحسن انعامه، إلا العادلون عن الحق الضالون، عن طريق الهدى، الجاهلون بقدرته على خلق الولد من الشيخ الكبير. وهذا القول من إبراهيم عليه السلام يدل على أنه لم يكن قانطا، ولكنه استبعد ذلك، فظنت الملائكة قنوطا، فنفى ذلك عن نفسه * (قال) * إبراهيم عليه السلام بعد ذلك للملائكة * (فما خطبكم أيها المرسلون) * أي: ما الأمر الجليل الذي بعثتم له، وما شأنكم؟ وسماهم مرسلين لما علم أنهم ملائكة * (قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين) * أي: مذنبين. وقيل: كافرين، أخبروه بهلاكهم، واقتصروا على هذا لأن من المعلوم ان الملائكة إنما يرسلون إلى المجرمين للهلاك * (إلا آل لوط) * استثنى منهم آل لوط، وهم خاصته وعشيرته، وإنما استثناهم منهم، وإن لم يكونوا مجرمين، من حيث كانوا من قوم لوط، وممن بعث إليهم. وقيل: إن معناه لكن آل لوط * (إنا لمنجوهم أجمعين) * أي: نخلصهم أجمعين من العذاب * (إلا امرأته) * استثنى امرأة لوط من آل لوط، لأنها كانت كافرة * (قدرنا إنها لمن الغابرين) * أي: من الباقين في المدينة مع المهلكين أي: قضينا أنها تهلك كما يهلكون.
* (فلما جاء آل لوط المرسلون (61) قال إنكم قوم منكرون (62) قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون (63) وأتيناك بالحق وإنا لصادقون (64) فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث