وملائكته يصلون على الصف المتقدم). فازدحم الناس، وكانت دور بني عذرة بعيدة عن المسجد، فقالوا: لنبيعن دورنا ولنشترين دورا قريبة من المسجد، حتى ندرك الصف المقدم! فنزلت هذه الآية، عن الربيع بن أنس. فعلى هذا يكون المعنى:
إنا نجازي الناس على نياتهم * (وإن ربك هو يحشرهم) * معناه: إن ربك يا محمد، أو أيها السامع، هو الذي يجمعهم يوم القيامة، ويبعثهم بعد إماتتهم للمجازاة، والمحاسبة * (إنه حكيم) * في أفعاله * (عليم) * بما استحق كل منهم.
النظم: إنما اتصل قوله * (وانا لنحن نحيي ونميت) * وما بعده، بما ذكره فيما قبل من أنواع النعم، فبين سبحانه أنه يرثهم كل ما خولهم من ذلك، تزهيدا في الدنيا، وترغيبا في الآخرة، عن أبي مسلم. وقيل: انه لما بين أنواع نعمه، عرفهم بعد انه لم يخلق ذلك للبقاء، وإنما أنعم به عليهم، ليكون طريقا إلى نعم الآخرة، عن القاضي. وقيل: إنه لما ذكرهم نعم الدنيا، نبه بالإحياء والإماتة، وعلمه بجميع الأشياء، وحشر الخلق على وجوب الانقطاع إليه، والعبادة والطاعة له.
* (ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون (26) والجان خلقناه من قبل من نار السموم (27) وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون (28) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (29) فسجد الملائكة كلهم أجمعون (30) إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين (31) قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين (32) قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون (33) قال فاخرج منها فإنك رجيم (34) وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين (35)) *.
اللغة: الصلصال: الطين اليابس، أخذ من الصلصلة: وهي القعقعة، ويقال لصوت الحديد، ولصوت الرعد: صلصلة، وهي صوت شديد متردد في الهواء.
وصل يصل: إذا صوت قال:
رجعت إلى صوت كجرة حنثم * إذا قرعت صفرا من الماء صلت (1)