الموت من كل جهة، وأنواع العذاب التي كان يموت بدونها في الدنيا، لا يموت فيستريح وهذا كقوله * (لا يقضى عليهم فيموتوا) *. * (ومن ورائه) * أي: وراء هذا الكافر * (عذاب غليظ) * وهو الخلود في النار. وقيل: معناه ومن بعد هذا العذاب الذي سبق ذكره عذاب أشد وأوجع مما تقدم، عن الكلبي. ثم أخبر سبحانه عما ينال الكفار من الحسرة فيما تكلفوه من الأعمال، فقال: * (مثل الذين كفروا بربهم) * وقيل: إن معناه مثل أعمال الذين كفروا بربهم، فحذف المضاف اعتمادا على ذكره بعد المضاف إليه، عن الفراء. وقيل: معناه مما نقص عليك مثل الذين كفروا عن سيبويه * (أعمالهم) * في قلة انتفاعهم بها * (كرماد اشتدت به الريح) * أي: ذرته ونسفته * (في يوم عاصف) أي: شديد الريح، فكما لا يقدر أحد على جمع ذلك الرماد المتفرق، والانتفاع به، فكذلك هؤلاء الكفار * (لا يقدرون مما كسبوا على شئ) * أي: لا يقدرون على الانتفاع بأعمالهم، ومثل قوله * (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) * * (ذلك هو الضلال البعيد) * يعني أن عملهم ذلك هو الذهاب البعيد عن النفع. وقيل: الخطأ البعيد عن الصواب، عن ابن عباس، وفي هذه الآية دلالة واضحة على بطلان قول المجبرة، لأنه أضاف العمل إليهم، ولو كان مخلوقا له سبحانه، لما صح إضافته إليهم.
* (ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد (19) وما ذلك على الله بعزيز (20) وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص (21)) *.
القراءة: قرأ * (خالق السماوات) ههنا، وفي النون: أهل الكوفة غير عاصم.
والباقون: * (خلق) *.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ * (خلق) *: فلأن ذلك فعل ماض، فأخبر عنه بلفظ الماضي. ومن قرأ * (خالق) *: على اسم الفاعل، وجعله مثل فاطر السماوات،