* (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) * وإنما قال * (من فوقهم) * لوجهين أحدهما: إن المراد يخافون عقاب ربهم، وأكثر ما يأتي العقاب المهلك إنما يأتي من فوق والآخر: إن الله سبحانه لما كان موصوفا بأنه عال متعال، بمعنى أنه قادر على الكمال، حسن أن يقال * (من فوقهم) * ليدل على أنه في أعلى مراتب القادرين.
وعلى هذا معنى قول ابن عباس في رواية مجاهد قال: ذلك مخافة الإجلال. واختاره الزجاج، فقال: يخافون ربهم خوف معظمين مجلين، ومثله في المعنى قوله * (وهو القاهر فوق عباده) * وقوله إخبارا عن فرعون * (وإنا فوقهم قاهرون) *.
وذهب بعضهم إلى أن قوله * (من فوقهم) * من صفة الملائكة، والمعنى أن الملائكة من فوق بني آدم، وفوق ما في الأرض من دابة، يخافون الله مع علو رتبتهم، فلأن يخافه من دونهم أولى. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن لله تعالى ملائكة في السماء السابعة، سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة، ترعد فرائصهم من مخافة الله تعالى، لا تقطر من دموعهم قطرة إلا صارت ملكا، فإذا كان يوم القيامة، رفعوا رؤوسهم، وقالوا: ما عبدناك حق عبادتك، أورد الكلبي في تفسيره.
* (* وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون (51) وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون (52) وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجرون (53) ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون (54) ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون (55)) *.
اللغة: وصب الشئ وصوبا: إذا دام. ووصب الدين: وجب. وقال أبو الأسود:
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه يوما بذم الدهر أجمع واصبا والوصب: الألم الذين يكون عن الإعياء بدوام العمل مدة. قال:
لا يغمز الساق من أين، ومن وصب، ولا يعض على شرسوفه الصفر (1)