مكرا وخيانة * (أن تكون أمة هي أربى من أمة) * أي: لا تنقضوا العهد بسبب أن يكون قوم أكثر من قوم، وأمة أعلى من أمة. ولأجل ذلك، وتقديره: ولا تنكثوا أيمانكم متخذيها دغلا، وغدرا، وخديعة، لمداراتكم قوما هم أكثر عددا ممن حلفتم له، ولقلتكم وكثرتهم، بل عليكم الوفاء بما حلفتم، والحفظ لما عاهدتم عليه.
* (إنما يبلوكم الله به) * أي: إنما يختبركم الله بالأمر بالوفاء. والهاء في * (به) * عائدة على الأمر، وتحقيقه أنه يعاملكم معاملة المختبر، ليقع الجزاء بحسب العمل * (وليبينن) * أي: وليفصلن * (لكم يوم القيامة ما كنتم فيه) * أي: في صحته * (تختلفون) * وليظهرن لكم حكمه حتى يعرف الحق من الباطل * (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) * أي: لجعلكم مهتدين، يعني به مشيئة القدرة، كما قال: * (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) *. * (ولكن يضل من يشاء) *، بالخذلان، أو بالحكم عليه بالضلال * (ويهدي من يشاء) * بالتوفيق، وبالحكم عليه بالهداية. وقد ذكرنا معاني الضلال والهدى في سورة البقرة.
* (ولتسئلن عما كنتم تعملون) * من الطاعات والمعاصي، فستجازون على كل منهما بقدرة. * (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم) *: نهى سبحانه عن الحلف على أمر يكون باطنه بخلاف ظاهره، فيضمر خلاف ما يظهر أي: يضمر الخلف والحنث فيه * (فتزل قدم بعد ثبوتها) * هذا مثل ضربه الله تعالى، ومعناه فتضلوا عن الرشد بعد أن تكونوا على هدى، يقال: زل قدم فلان في أمر كذا: إذا عدل عن الصواب.
وقيل: معناه فيسخط الله عليكم بعد رضاه عنكم، لأن ثبات القدم تكون برضاء الله سبحانه، وزلة القدم تكون بسخطه. وقيل: إنها نزلت في الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على نصرة الاسلام وأهله، فنهوا عن نقض ذلك.
* (وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله) * أي: تذوقوا العذاب بما منعتم الناس عن اتباع دين الله * (ولكم) * مع ذلك * (عذاب عظيم) * يريد عذاب الآخرة، وروي عن سلمان الفارسي (ره) أنه قال: تهلك هذه الأمة بنقض مواثيقها، و روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: نزلت هذه الآيات في ولاية علي عليه السلام، وما كان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سلموا على علي بإمرة المؤمنين!.
النظم: وجه اتصال قوله * (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) * الآية، بما قبله،