الحجة سلطانا: لإضاءتها. وفي الحديث عن ابن عباس: أرأيت عليا، وكأن عينيه سراجا سليط!
الاعراب: * (ما عند الله) *: اسم أن، وهو فصل وخير، وخبره * (وما عندكم) * مبتدأ، و * (ينفد) *: خبره. وكذلك: ما عند الله باق. وإنما قال * (ولنجزينهم) * بلفظ الجمع: لأن لفظ * (من) * يقع على الواحد والجمع، فرد الضمير على المعنى.
النزول: قال ابن عباس: إن رجلا من * (حضرموت) * يقال له عبدان الأشرع قال: يا رسول الله! إن امرأ القيس الكندي جاورني في أرضي، فاقتطع من أرضي، فذهب بها مني، والقوم يعلمون أني لصادق، ولكنه أكرم عليهم مني. فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأ القيس عنه، فقال: لا أدري ما يقول. فأمره أن يحلف، فقال عبدان: إنه فاجر لا يبالي أن يحلف، فقال: إن لم يكن لك شهود فخذ بيمينه.
فلما قام ليحلف، أنظره فانصرفا فنزل قوله * (ولا تشتروا بعهد الله) * الآيتان. فلما قرأهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال امرؤ القيس: أما ما عندي فينفد، وهو صادق فيما يقول. لقد اقتطعت أرضه، ولم أدر كم هي، فليأخذ من أرضي ما شاء، ومثلها معها، بما أكلت من ثمرها. فنزل فيه * (ومن عمل صالحا) * الآية.
المعنى: لما تقدم النهي عن نقض العهد، أكد سبحانه، فقال: * (ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا) * أي: لا تخالفوا عهد الله بسبب شئ يسير تنالونه من حطام الدنيا، فتكونوا قد بعتم عظيم ما عند الله، بالشئ الحقير. * (إن ما عند الله هو خير لكم) * معناه: إن الذي عند الله من الثواب على الوفاء بالعهود، خير لكم، وأشرف مما تأخذونه من عرض الدنيا على نقضها، فإن القليل الذي يبقى، خير من الكثير الذي يفنى، فكيف بالكثير الذي يبقى في مقابلة القليل الذي يفنى. * (إن كنتم تعلمون) * الفرق بين الخير والشر، والتفاوت الذي بين القليل الفاني، والكثير الباقي. * (ما عندكم ينفد وما عند الله باق) * بين سبحانه بهذا أن العلة التي لأجلها كان الثواب خيرا من متاع الدنيا، هو أن الثواب الذي عند الله يبقى، والذي عندكم من نعيم الدنيا يفنى، ثم أخبر سبحانه أنه يجزي الصابرين، فقال: * (ولنجزين الذين صبروا) * أي: لنكافئن الذين ثبتوا على الطاعات، وعلى الوفاء بالعهود * (أجرهم) * وثوابهم * (بأحسن ما كانوا يعملون) * أي بالطاعات من الواجبات والمندوبات، فإن أفعال المكلف قد تكون طاعة، وقد تكون مباحا لا يقع الجزاء عليه، ولا يستحق