عوج * (والإحسان) * إلى الناس، وهو التفضل. ولفظ الإحسان جامع لكل خير، والأغلب عليه استعماله في التبرع بإيتاء المال، وبذل السعي الجميل. وقيل:
العدل: التوحيد، والإحسان: أداء الفرائض، عن ابن عباس، وعطاء. وقيل:
العدل في الأفعال، والإحسان في الأقوال، فلا يفعل إلا ما هو عدل، ولا يقول إلا ما هو حسن. وقيل: العدل أن ينصف، وينتصف، والإحسان أن ينصف، ولا ينتصف * (وإيتاء ذي القربى) * أي: ويأمركم بإعطاء الأقارب حقهم بصلتهم، وهذا عام.
وقيل: المراد بذي القربى قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين أرادهم الله بقوله: * (فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) * على ما مر تفسيره، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام قال: نحن هم.
* (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) * إنما جمع بين الأوصاف الثلاثة في النهي، مع أن الكل منكر فاحش، ليبين بذلك تفصيل ما نهى عنه، لأن الفحشاء قد يكون ما يفعله الانسان في نفسه من القبيح، مما لا يظهره. والمنكر: ما يظهره للناس مما يجب عليهم انكاره. والبغي: ما يتطاول به من الظلم لغيره. وقيل: إن الفحشاء الزنا، والمنكر ما ينكره الشرع، والبغي الظلم والكبر، عن ابن عباس.
وقيل: إن العدل استواء السريرة والعلانية، والإحسان أن تكون السريرة أحسن من العلانية، والفحشاء والمنكر أن تكون العلانية أحسن من السريرة، عن سفيان بن عيينة.
* (يعظكم لعلكم تذكرون) * معناه: يعظكم بما تضمنت هذه الآية من مكارم الأخلاق، لكي تتذكروا، وتتفكروا، وترجعوا إلى الحق. قال عبد الله بن مسعود:
هذه الآية أجمع آية في كتاب الله للخير والشر. قال قتادة: أمر الله سبحانه بمكارم الأخلاق، ونهاهم عن سفاسف الأخلاق (1). وجاءت الرواية أن عثمان بن مظعون قال: كنت أسلمت استحياء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكثرة ما كان يعرض علي الاسلام، ولما يقر الاسلام في قلبي، فكنت ذات يوم عنده، حال تأمله، فشخص بصره نحو السماء، كأنه يستفهم شيئا، فلما سري عنه، سألته عن حاله، فقال: نعم بينا أنا أحدثك، إذ رأيت جبرائيل في الهواء، فأتاني بهذه الآية: * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) * وقرأها علي إلى آخرها. فقر الاسلام في قلبي.