ويجوز أن يكون في موضع نصب على أن يكون المعنى: جرم فعلهم هذا، أنهم الخاسرون. وتكون * (لا) * مزيدة. ويجوز أن يكون معناه لابد أنهم، فيكون على حذف الجار أي: لا بد من ذلك: * (ثم إن ربك) * خبر أن. قوله: * (غفور رحيم) * وهذا من باب ما جاء في التنزيل ان فيه مكررا، وكذلك الآية التي تأتي بعد ثم * (إن ربك للذين عملوا السوء) * الآية.
النزول: قيل نزل قوله: * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * في جماعة أكرهوا وهم: عمار، وياسر أبوه، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، وخباب، عذبوا وقتل أبو عمار وأمه، وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه. ثم أخبر سبحانه بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال قوم: كفر عمار، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم ما وراءك فقال شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح عينيه، ويقول: إن عادوا لك، فعد لهم بما قلت! فنزلت الآية، عن ابن عباس، وقتادة وقيل: نزلت في أناس من أهل مكة، آمنوا وخرجوا، يريدون المدينة، فأدركهم قريش، وفتنوهم فتكلموا بكلمة الكفر كارهين، عن مجاهد. وقيل: إن ياسرا وسمية أبوي عمار، أول شهيدين في الاسلام. وقوله * (من كفر بالله) *، و * (من شرح بالكفر صدرا) * وهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح من بني عامر بن لؤي. وأما قوله * (ثم إن ربك للذين هاجروا) * الآية. فقيل: إنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة، أخي أبي جهل من الرضاعة، وأبي جندل بن سهيل بن عمرو والوليد بن المغيرة، وغيرهم من أهل مكة، فتنهم المشركون، فأعطوهم بعض ما أرادوا. ثم إنهم هاجروا بعد ذلك، وجاهدوا، فنزلت الآية فيهم.
المعنى: * (من كفر بالله من بعد إيمانه) * اختلف في تقديره، فقيل: إن تقديره وتلخيص معناه من كفر بالله بأن يرتد عن الاسلام، وشرح بالكفر صدرا، فعليهم غضب من الله، ولهم عذاب عظيم * (إلا من أكره) * فتكلم بكلمة الكفر على وجه التقية مكرها. * (وقلبه مطمئن) * أي: ساكن * (بالإيمان) * ثابت عليه، فلا حرج عليه في ذلك. وقيل: انه يتصل بما تقدم فمعناه: إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه. ثم استثنى من ذلك من أكره على ذلك، وكان مطمئن القلب إلى الإيمان