فالرجوع عن الشئ: هو الانصراف عنه بعد الذهاب إليه. والرجوع إلى الشئ: هو الانصراف إليه بعد الذهاب عنه.
الاعراب: (صم بكم عمي): رفع على خبر مبتدأ محذوف أي: هؤلاء الذين قصتهم هذه صم بكم عمي.
المعنى: قال قتادة (صم) لا يسمعون الحق (بكم) لا ينطقون به " عمي " لا يبصرونه " فهم لا يرجعون " عن ضلالتهم، ولا يتوبون. وإنما شبههم الله بالصم، لأنهم لم يحسنوا الإصغاء إلى أدلة الله تعالى، فكأنهم صم. وإذا لم يقروا بالله وبرسوله فكأنهم بكم. وإذا لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض فكأنهم عمي. لما لم تصل إليهم منفعة هذه الأعضاء فكأنهم ليس لهم هذه الأعضاء. وهذا يدل على أن معنى الختم والطبع ليس على وجه الحيلولة بينهم وبين الإيمان، لأنه جعل الفهم بالكفر، واستثقالهم للحق، بمنزلة الصمم والبكم والعمي، مع صحة حواسهم. وكذلك قوله:
طبع الله على قلوبهم وأضلهم وأصمهم وأعمى أبصارهم وأزاغ الله قلوبهم، فإن جميع ذلك إخبار عما أحدثوه عند امتحان الله إياهم، وأمره لهم بالطاعة والإيمان، لا إنه فعل بهم ما منعهم به عن الإيمان، وهذا كما قيل في المثل:
" حبك الشئ يعمي ويصم " قال مسكين الدارمي:
أعمى إذا ما جارتي خرجت * حتى يواري جارتي الخدر وتصم عما كان بينهما * أذني، وما في سمعها وقر وفي التنزيل: (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) وقوله (فهم لا يرجعون) يحتمل أمرين أحدهما: إنه على الذم والاستبطاء، عن ابن عباس.
والثاني: إنهم لا يرجعون إلى الاسلام، عن ابن مسعود.
(أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (19)).
القراءة: ظلمات: أجمع القراء على ضم اللام منه على الاتباع، وروي في الشواذ، عن الحسن، وأبي السماك: بسكون اللام، وعن بعضهم: بفتح