متى بذله وأعطاه، ولم يقصد به القربة إلى الله تعالى، لم يستحق شيئا من الثواب، وإنما يؤثر حبه للمال في زيادة الثواب متى حصل قصد القربة والطاعة. ولو تقرب بالعطية وهو غير ضنين بالمال، ولا محب له، لا يستحق الثواب. (ذوي القربى) أراد به قرابة المعطي، كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن أفضل الصدقة، فقال: (جهد المقل على ذي الرحم الكاشح). وقوله لفاطمة بنت قيس، لما قالت يا رسول الله! إن لي سبعين مثقالا من ذهب. قال: " اجعليها في قرابتك ". ويحتمل أن يكون أراد قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما في قوله: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام.
(واليتامى) اليتيم: من لا أب له مع الصغر. قيل: أراد يعطيهم أنفسهم المال. وقيل: أراد ذوي اليتامى أي: يعطي من تكفل بهم، لأنه لا يصح إيصال المال إلى من لا يعقل. فعلى هذا يكون (اليتامى) في موضع جر عطفا على (القربى). وعلى القول الأول يكون في موضع نصب عطفا على ذوي القربى.
(والمساكين): يعني أهل الحاجة (وابن السبيل) يعني: المنقطع به، عن أبي جعفر ومجاهد. وقيل: الضيف، عن ابن عباس وقتادة، وابن جبير (والسائلين) أي: الطالبين للصدقة، لأنه ليس كل مسكين يطلب.
(وفي الرقاب) فيه وجهان أحدهما: عتق الرقاب بأن يشتري ويعتق والآخر:
في رقاب المكاتبين، والآية محتملة للأمرين، فينبغي أن تحمل عليهما، وهو اختيار الجبائي والرماني. وفي هذه الآية دلالة على وجوب إعطاء مال الزكاة المفروضة بلا خلاف. وقال ابن عباس: في المال حقوق واجبة سوى الزكاة. وقال الشعبي: هي محمولة على وجوب حقوق في مال الانسان غير الزكاة، مما له سبب وجوب، كالإنفاق على من يجب عليه نفقته، وعلى من يجب عليه سد رمقه، إذا خاف عليه التلف، وعلى ما يلزمه من النذور والكفارات، ويدخل في هذا أيضا ما يخرجه الانسان على وجه التطوع والقربة إلى الله، لأن ذلك كله من البر، واختاره الجبائي.
قالوا: ولا يجوز حمله على الزكاة المفروضة، لأنه عطف عليه الزكاة، وإنما خص هؤلاء لأن الغالب أنه لا يوجد الاضطرار إلا في هؤلاء.
(وأقام الصلاة) أي: أداها لميقاتها، وعلى حدودها. (وآتى الزكاة) أي:
أعطى زكاة ماله (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) أي: والذين إذا عاهدوا عهدا أوفوا به، يعني العهود والنذور التي بينهم وبين الله تعالى، والعقود التي بينهم وبين