غيوث الحيا في كل محل، ولزبة، * أسود الشرى يحمين كل عرين (1) ومما نصب على الذم:
سقوني الخمر ثم تكنفوني * عداة الله من كذب وزور وشئ آخر وهو أن هذا الموضع من مواضع الإطناب في الوصف، وإذا خولف بإعراب الألفاظ كان أشد وأوقع فيما يعن ويعترض، لصيرورة الكلام، وكونه بذلك ضروبا وجملا، وكونه في الإجراء على الأول وجها واحدا، وجملة واحدة. فلذلك سبق قول سيبويه في قوله (والمقيمين الصلاة)، وأنه محمول على المدح قول من قال إنه محمول على قوله (بما أنزل إليك) وب (المقيمين الصلاة)، وإن كان هذا غير ممتنع. وقال بعض النحويين: إن الصابرين معطوف على ذوي القربى. قال الزجاج: وهذا لا يصلح إلا أن تكون (والموفون) رفعا على المدح للضميرين، لأن ما في الصلة لا يعطف عليه بعد المعطوف على الموصول. قال أبو علي: لا وجه لهذا القول، لأن (والصابرين) لا يجوز حمله على (وآتى المال على حبه) سواء كان قوله (والموفون بعهدهم) عطفا على الموصول أو مدحا، لأن الفصل بين الصلة يقع به إذا كان مدحا، كما يقع به إذا كان مفردا معطوفا على الموصول، بل الفصل بينهما بالمدح أشنع، لكون المدح جملة، والجمل ينبغي أن تكون في الفصل أشنع وأقبح بحسب زيادتها على المفرد، وإن كان الجميع من ذلك ممتنعا.
النزول والنظم: لما حولت القبلة، وكثر الخوض في نسخها، وصار كأنه لا يراعى بطاعة الله إلا التوجه للصلاة، وأكثر اليهود والنصارى ذكرها، أنزل الله سبحانه هذه الآية، عن أبي القاسم البلخي، وعن قتادة أنها نزلت في اليهود.
المعنى: (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) بين سبحانه أن البر كله ليس في الصلاة، فإن الصلاة إنما أمر بها لكونها مصلحة في الإيمان، وصارفة عن الفساد، وكذلك العبادات الشرعية، إنما أمر بها لما فيها من الألطاف والمصالح الدينية، وذلك يختلف بالأزمان والأوقات، فقال: ليس البر كله في التوجه إلى الصلاة، حتى يضاف إلى ذلك غيره من الطاعات التي أمر الله بها، عن ابن عباس ومجاهد، واختاره أبو مسلم. وقيل: معناه ليس البر ما عليه النصارى من التوجه إلى المشرق، ولا ما عليه اليهود من التوجه إلى