ذلك عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وابن عباس ذكر ذلك الفراء، وأبو القاسم البلخي. والباقون: على لفظ الخبر على ما لم يسم فاعله.
الحجة: الرفع في تسأل يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون حالا، فيكون مثل ما عطف عليه من قوله بشيرا ونذيرا أي: وغير مسؤول، ويكون ذكر الجملة بعد المفرد الذي هو قوله (بشيرا) كما ذكر الجملة في قوله (ويكلم الناس في المهد وكهلا) بعدما تقدم من المفرد، وكذلك قوله: (ومن المقربين)، وهو هنا يجري مجرى الجملة والآخر: أن يكون منقطعا عن الأول، مستأنفا به، كأنه قيل ولست تسأل عن أصحاب الجحيم. وأما قراءة نافع (ولا تسأل) بالجزم ففيه قولان أحدهما: أن يكون على النهي عن المسألة والآخر: أن يكون النهي لفظا، والمعنى على تفخيم ما أعد لهم من العقاب، كقول القائل: لا تسأل عن حال فلان أي: قد صار إلى أكثر مما تريده.
وسألت يتعدى إلى مفعولين مثل أعطيت، قال الشاعر:
سألتاني الطلاق إذ رأتاني * قل مالي قد جئتماني بنكر ويجوز أن يقتصر فيه على مفعول واحد، ثم يكون على ضربين أحدهما: أن يتعدى بغير حرف كقوله (واسألوا ما أنفقتم). (فاسألوا أهل الذكر) والآخر: أن يتعدى بحرف كقوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع) وقولهم: سألت عن زيد.
وإذا تعدى إلى مفعولين كان على ثلاثة أضرب أحدها: أن يكون بمنزلة أعطيت، كقوله: سألت عمرا بعد بكر حقا، فمعنى هذا استعطيته أي: سألته أن يفعل ذلك والآخر: أن يكون بمنزلة اخترت الرجال زيدا، وذلك قوله تعالى: (ولا يسئل حميم حميما) أي: لا يسأل حميم عن حميمه. والثالث: أن يتعدى إلى مفعولين، فيقع موقع المفعول الثاني منهما استفهام، وذلك كقوله تعالى: (سل بني إسرائيل كم آتيناهم). (وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون).
اللغة: الجحيم: النار بعينها إذا شب وقودها وصار كالعلم على جهنم، كقول أمية بن أبي الصلت:
إذا شبت جهنم، ثم زادت، * وأعرض عن قوابسها الجحيم