حيث تكن أكن، وإذ تفعل أفعل. ويجوز في (أين) الجزم، وإن لم يدخل ما عليها، كقول الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجدنا * نصرف العيس نحوها للتلاقي (1) و (ثم): موضعه نصب، لأنه ظرف مكان، وبني على الفتح لالتقاء الساكنين، وإنما بني في الأصل، لأنه معرفة، وحكم الاسم المعرف أن يكون بحرف، فبني لتضمنه معنى الحرف الذي يكون به التعريف والعهد. ألا ترى أن (ثم) لا تستعمل إلا في مكان معهود معروف لمخاطبك.
النزول: اختلف في سبب نزول هذه الآية، فقيل: إن اليهود أنكروا تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس، فنزلت الآية ردا عليهم، عن ابن عباس، واختاره الجبائي قال: بين سبحانه أنه ليس في جهة دون جهة، كما تقول المجسمة. وقيل: كان للمسلمين التوجه حيث شاؤوا في صلاتهم، وفيه نزلت الآية. ثم نسخ ذلك بقوله (فول وجهك شطر المسجد الحرام)، عن قتادة، قال: وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قد اختار التوجه إلى بيت المقدس، وكان له أن يتوجه حيث شاء. وقيل: نزلت في صلاة التطوع على الراحلة، تصليها حيثما توجهت إذا كنت في سفر. وأما الفرائض فقوله: (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) يعني أن الفرائض لا تصليها إلا إلى القبلة، وهذا هو المروي عن أئمتنا عليهم السلام، قالوا: وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إيماء على راحلته أينما توجهت به، حيث خرج إلى خيبر، وحين رجع من مكة، وجعل الكعبة خلف ظهره.
وروي عن جابر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية كنت فيها، فأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هي هاهنا قبل الشمال.
فصلوا وخطوا خطوطا. وقال بعضنا: القبلة هاهنا قبل الجنوب، وخطوا خطوطا.
فلما أصبحوا، وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة. فلما قفلنا (2) من سفرنا، سألنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فسكت، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
المعنى: (ولله المشرق والمغرب) أراد أن المشرق والمغرب لله ملكا.