وقيل: إن المراد به نفي تعليمهما السحر، والتقدير: ولا يعلمان أحدا السحر، فيقولان إنما نحن فتنة. فعلى هذا يكون تعليم السحر من الشياطين، والنهي عنه من الملكين.
وقوله (فلا تكفر) يعني به أحد ثلاثة أشياء أحدها: فلا تكفر بالعمل بالسحر والثاني: فلا تكفر بتعلم السحر. ويكون مما امتحن الله، عز وجل، بالملكين الناس في ذلك الوقت، وجعل المحنة في الكفر والإيمان أن يقبل القابل تعلم السحر، فيكون بتعلمه كافرا، وبتركه التعلم مؤمنا، لأن السحر كان قد كثر. وهذا ممكن أن يمتحن الله به، كما امتحن بالنهر في قوله: (فمن شرب منه فليس مني).
والثالث: فلا نكفر بكليهما.
وقوله: (فيتعلمون منهما) أي: من هاروت وماروت. وقيل: من السحر والكفر. وقيل: أراد بدلا مما علماهم، ويكون المعنى أنهم يعدلون عما علمهم الملكان من النهي عن السحر إلى فعله واستعماله، كما يقال: ليت لنا من كذا وكذا أي: بدلا منه، وكقول الشاعر:
جمعت من الخيرات وطبا، وعلبة، * وصرا لأخلاف المزممة البزل ومن كل أخلاق الكرام نميمة * وسعيا على الجار المجاور بالمحل (1) وقوله: (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) فيه وجوه أحدها: إنهم يوجدون أحدهما على صاحبه، ويبغضونه إليه، فيؤدي ذلك إلى الفرقة، عن قتادة وثانيها:
إنهم يغوون أحد الزوجين، ويحملونه على الكفر والشرك بالله تعالى، فيكون بذلك قد فارق زوجه الآخر المؤمن المقيم على دينه، فيفرق بينهما اختلاف النحلة، وتباين الملة وثالثها: إنهم يسعون بين الزوجين بالنميمة والوشاية، حتى يؤول أمرهما إلى الفرقة والمباينة.
وقوله: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) أي: لا يلحقون بغيرهم ضررا إلا بعلم الله، فيكون على وجه التهديد. وقيل: معناه إلا بتخلية الله، عن الحسن، قال: من شاء الله منعه، فلا يضره السحر، ومن شاء خلى بينه وبينه