الفعل، فرفع بها الاسم كما رفع بالفعل إذ قامت هذه الظروف مقام الفعل في هذه المواضع، فقال في عندك زيد، وفي الدار عمرو، ومنهم أميون، ونحو ذلك أنه يرتفع بالظرف إذ كان الظرف قد أقيم مقام الفعل في غير هذه المواضع.
والدليل على أن الاسم هاهنا مرتفع بالظرف دون الفعل الذي هو استقر ونحوه أنه لو كان مرتفعا بالفعل، لجاز قائما في الدار زيد، كما يجوز قائما استقر زيد، فامتناع تقديم الحال هنا يدل على أنه لا عمل للفعل هنا. وقوله (إلا أماني) نصب على الاستثناء المنقطع، كقوله (ما لهم به من علم إلا اتباع الظن) وكقول الشاعر (1):
ليس بيني، وبين قيس، عتاب * غير طعن الكلى، وضرب الرقاب وقول النابغة:
حلفت يمينا غير ذي مثنوية، * ولا علم إلا حسن ظن بصاحب وإن في قوله (إن هم) بمعنى ما أي: ما هم إلا ظانون، فهم: مبتدأ، ويظنون: خبره.
المعنى: (ومنهم) يعني ومن هؤلاء اليهود الذين قص الله قصصهم في هذه الآيات، وقطع الطمع عن إيمانهم (أميون) أي: غير عالمين بمعاني الكتاب، يعلمونها حفظا وتلاوة، لا رعاية ودراية، وفهما لما فيه، عن ابن عباس، وقتادة. وقال أبو عبيدة: الأميون هم الأمم الذين لم ينزل عليهم كتاب. والنبي الأمي: الذي لا يكتب، وأنشد لتبع:
له أمة سميت في الزبو * ر أمية هي خير الأمم وقوله: (لا يعلمون الكتاب) أي: لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزل الله، عز وجل، ولا يدرون ما أودعه الله إياه من الحدود والأحكام والفرائض، فهم كهيئة البهائم مقلدة لا يعرفون ما يقولون. والكتاب المعني به: التوراة. أدخل عليه لام التعريف. " إلا " بمعنى لكن. " أماني " أي: قولا يقولونه بأفواههم كذبا، عن ابن عباس. وقيل: أحاديث يحدثهم بها علماؤهم، عن الكلبي. وقيل: تلاوة يتلونها، ولا يدرونها، عن الكسائي والفراء. وقيل: أماني يتمنون على الله الرحمة، ويخطر الشيطان ببالهم أن لهم عند الله خيرا، ويتمنون ذهاب الاسلام بموت