المعنى: أجمع المفسرون على أن المراد بالقرية هاهنا بيت المقدس، ويؤيده قوله في موضع آخر: (ادخلوا الأرض المقدسة). وقال ابن زيد: إنها أريحا قرية قرب بيت المقدس، وكان فيها بقايا من قوم عاد، وهم العمالقة، ورأسهم عوج بن عنق، يقول: اذكروا (إذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم) أي: أين شئتم (رغدا) أي: موسعا عليكم، مستمتعين بما شئتم من طعام القرية، بعد المن والسلوى. وقد قيل: إن هذه إباحة لهم منه لغنائمها، وتملك أموالها إتماما للنعمة عليهم.
(وادخلوا الباب) يعني الباب الذي أمروا بدخوله. وقيل: هو باب حطة من بيت المقدس، وهو الباب الثامن، عن مجاهد. وقيل: باب القبة التي كان يصلي إليها موسى وبنو إسرائيل. وقال قوم: هو باب القرية التي أمروا بدخولها. قال أبو علي الجبائي: والآية على قول من يزعم أنه باب القبة، أدل منها على قول من يزعم أنه باب القرية، لأنهم لم يدخلوا القرية في حياة موسى، وآخر الآية يدل على أنهم كانوا يدخلون هذا الباب على غير ما أمروا به في أيام موسى، لأنه قال: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) والعطف بالفاء التي هي للتعقيب من غير تراخ، يدل على أن هذا التبديل منهم كان في أثر الأمر، فدل ذلك على أنه كان في حياة موسى. وقوله: (سجدا) قيل: معناه ركعا، وهو شدة الانحناء عن ابن عباس.
وقال غيره: إن معناه أدخلوا خاضعين متواضعين، يدل عليه قول الأعشى:
يراوح من صلوات المليك * طورا سجودا، وطورا جوارا وقيل: معناه ادخلوا الباب، فإذا دخلتموه فاسجدوا لله سبحانه شكرا، عن وهب. وقوله: (حطة) قال الحسن، وقتادة، وأكثر أهل العلم: معناه حط عنا ذنوبنا، وهو أمر بالاستغفار. وقال ابن عباس: أمروا أن يقولوا هذا الأمر حق. وقال عكرمة: أمروا أن يقولوا لا إله إلا الله لأنها تحط الذنوب، وكل واحد من هذه الأقوال مما يحط الذنوب، فيصح أن يترجم عنه بحطة. وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال:
نحن باب حطتكم. وقوله: (نغفر لكم خطاياكم) أي: نصفح ونعفو عن ذنوبكم.
(وسنزيد المحسنين) أي: وسنزيدهم على ما يستحقونه من الثواب تفضلا كقوله تعالى: (ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله). وقيل: إن المراد به أن يزيدهم الإحسان، على ما سلف من الاحسان، بإنزال المن والسلوى، وتظليل الغمام، وغير ذلك.