اختصر وحذف للإيجاز والتغليب، كقوله سبحانه وتعالى (والله ورسوله أحق أن يرضوه) ومعناه أن يرضوهما. وقوله (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) وكقول الشاعر:
رماني بأمر كنت منه ووالدي * بريا، ومن جول الطوي رماني (1) وقال الآخر:
نحن بما عندنا، وأنت بما * عندك راض، والرأي مختلف فكذلك معنى الآية فتاب عليهما. وقال الحسن البصري: لم يخلق الله آدم إلا للأرض، ولو لم يعص لأخرجه إلى الأرض على غير تلك الحال. وقال غيره: يجوز أن يكون خلقه للأرض إن عصى، ولغيرها إن لم يعص، وهو الأقوى.
فصل مختصر: في التوبة وشروطها والاختلاف فيها إعلم أن من شروط التوبة الندم على ما مضى من القبيح، والعزم على أن لا يعود إلى مثله في القبح، فإن هذه التوبة أجمع المسلمون على سقوط العقاب عندها، واختلفوا فيما عداها. وكل معصية لله تعالى فإنه يجب التوبة منها، والطاعة لا يصح التوبة منها. وعندنا يصح التوبة إذا كانت من ترك الندب، ويكون ذلك على وجه الرجوع إلى فعله، وعلى هذا يحمل توبة الأنبياء عليهم السلام، في جميع ما نطق به القرآن. وقبول التوبة وإسقاط العقاب عندها تفضل من الله تعالى، غير واجب عليه عندنا، وعند جميع المعتزلة واجب، وقد وعد الله تعالى بذلك وإن كان تفضلا، وعلمنا أنه لا يخلف الميعاد.
وأما التوبة من قبيح مع الإقامة على قبيح آخر يعلم أو يعتقد قبحه، فعند أكثر المتكلمين هي صحيحة، وعند أبي هاشم وأصحابه لا يصح. واعتمد الأولون على أن قالوا: كما يجوز أن يمتنع عن قبيح لقبحه مع أنه يفعل قبيحا آخر، وإن علم قبحه، كذلك يجوز أن يندم من قبيح مع المقام على قبيح آخر يعلم قبحه.
واختلفوا في التوبة عند ظهور أشراط الساعة، هل تصح أم لا؟ فقال الحسن:
يحجب عنها عند الآيات الست وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم -