أسفل، وقد يستعمل الهبوط بمعنى الحلول في المكان، والنزول به. قال الله تعالى: (اهبطوا مصرا). ويقول القائل: هبطنا بلد كذا. يريد: حللنا. قال زهير:
ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت * أيدي الركاب بهم من راكس فلقا والعدو: نقيض الولي. والعداوة المصدر، وأصله من المجاوزة. والقرار:
الثبات والبقاء. وضد القرار الانزعاج، وضد الثبات الزوال، وضد البقاء الفناء.
والاستقرار: الكون أكثر من وقت واحد على حال. والمستقر: يحتمل أن يكون بمعنى الاستقرار، ويحتمل أن يكون بمعنى المكان الذي يستقر فيه. والمتاع والتمتع والمتعة والتلذذ متقاربة المعنى، وكل شئ تمتعت به فهو متاع. والحين، والمدة، والزمان، متقارب. والحين في غير هذا الموضع: ستة أشهر، يدل عليه قوله تعالى (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) والحين يصلح للأوقات كلها، إلا أنه في الاستعمال في الكثير منها أكثر.
المعنى: ثم بين سبحانه حال آدم عليه السلام قال: (فأزلهما الشيطان) أي:
حملهما على الزلة. نسب الإزلال إلى الشيطان، لما وقع بدعائه ووسوسته وإغوائه (عنها) أي: عن الجنة، وما كانا فيه من عظيم الرتبة والمنزلة. والشيطان المراد به إبليس، (فأخرجهما مما كانا فيه) من النعمة والدعة. ويحتمل أن يكون أراد اخراجهما من الجنة حتى أهبطا. ويحتمل أن يكون أراد من الطاعة إلى المعصية.
وأضاف الإخراج إليه لأنه كان السبب فيه كما يقال صرفني فلان عن هذا الأمر.
ولم يكن اخراجهما من الجنة وإهباطهما إلى الأرض على وجه العقوبة، لأن الدليل قد دل على أن الأنبياء عليهم السلام، لا تجوز عليهم القبائح على حال، ومن أجاز العقاب على الأنبياء، فقد أساء عليهم الثناء. وأعظم الفرية على الله، سبحانه وتعالى، وإذا صح ما قلناه، فإنما أخرج الله آدم من الجنة لأن المصلحة قد تغيرت بتناوله من الشجرة، فاقتضت الحكمة والتدبير الإلهي إهباطه إلى الأرض، وابتلاءه بالتكليف والمشقة، وسلبه ما ألبسه إياه من ثياب الجنة، لأن إنعامه عليه بذلك كان على وجه التفضل والامتنان، فله أن يمنع ذلك تشديدا للبلوى والامتحان، كما له أن يفقر بعد الإغناء، ويميت بعد الإحياء، ويسقم بعد الصحة، ويعقب المحنة بعد المحنة.