من الظهور، وبدأ يبدأ بدءا بالهمزة بمعنى استأنف. وقال علي بن عيسى الرماني: حد الظهور الحصول على حقيقة، يمكن أن تعلم بسهولة. والله سبحانه ظاهر بأدلته، باطن عن إحساس خلقه. وكل استدلال فإنما هو ليظهر شئ بظهور غيره.
الاعراب: " آدم ": منادى مفرد معرفة، مبني على الضم، ومحله النصب لأن المنادى مدعو، والمدعو مفعول.
المعنى: ثم خاطب الله تعالى آدم ف " قال يا آدم أنبئهم " أي: أخبر الملائكة " بأسمائهم " يعني بأسماء الذين عرضهم عليهم، وهم كناية عن المرادين بقوله أسماء هؤلاء، وقد مضى بيانه. (فلما أنبأهم) يعني أخبرهم آدم " بأسمائهم " أي: باسم كل شئ، ومنافعه ومضاره، (قال) الله تعالى للملائكة: " ألم أقل لكم " الألف للتنبيه، وإن كان أصلها الاستفهام، كقول القائل: (أما ترى اليوم ما أطيبه) لمن يعلم ذلك. وحكى سيبويه أما ترى أي برق ههنا. ومن الناس من قال: إن هذه الألف معناها التوبيخ، ومن لم يجز على الملائكة المعصية منع من ذلك.
(إني أعلم غيب السماوات والأرض) أي: أعلم ما غاب فيهما عنكم، فلم تشاهدوه كما أعلم ما حضركم فشاهدتموه (وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) قيل فيه أقوال: أحدها: إنه أراد أعلم سركم وعلانيتكم، وذكر ذلك تنبيها لهم على ما يحيلهم عليه من الاستدلال، لأن الأصول الأول التي يستدل بها، إنما تذكر على وجه التنبيه، ليستخرج بها غيرها، فيستدل بعلمه الغيب على أنه خلق عباده على ما خلقهم عليه، للاستصلاح في التكليف، وما توجبه الحكمة. وثانيها: إنه أراد (أعلم ما تبدون) من قولكم (أتجعل فيها من يفسد فيها)، (وما كنتم تكتمون) من إضمار إبليس المعصية والمخالفة. قال علي بن عيسى: وهذا ليس بالوجه لأن الخطاب للملائكة، وليس إبليس منهم، ولأنه عام، فلا يخص إلا بدليل، وجوابه:
إن إبليس لما دخل معهم في الأمر بالسجود، جاز أن يذكر في جملتهم. وقد رويت روايات تؤيد هذا القول، واختاره الطبري. وثالثها: إن الله تعالى لما خلق آدم، مرت به الملائكة قبل أن ينفخ فيه الروح، ولم تكن رأت مثله، فقالوا: لن يخلق الله خلقا إلا كنا أكرم منه وأفضل عنده، فهذا ما أخفوه وكتموه. وأما ما أبدوه فقولهم