سماه (الفوائد المجموعة في شأن ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة) وما يقوله الناس: إن من روى له الشيخان فقد جاوز القنطرة فهو من التجوه ولا يقوى، فقد روى مسلم في كتابه عن ليث بن أبي سليم وغيره من الضعفاء.. واعلم أن " أن وعن " مقتضيان للانقطاع " أي من المدلس " عند أهل الحديث، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شئ كثير، فيقولون على سبيل التجوه: ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع، وما كان في الصحيحين فمحمول على الاتصال!! وروى مسلم في كتابه عن أبي الزبير عن جابر أحاديث كثيرة بالعنعنة وقد قال الحفاظ: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي يدلس في حديث جابر، فما كان بصيغة العنعنة لا يقبل ذلك - وقد روى مسلم أيضا في كتابه عن جابر وابن عمر في حجة الوداع أن النبي صلى الله عليه وآله توجه إلى مكة يوم النحر فطاف طواف الإفاضة ثم صلى الظهر بمكة ثم رجع إلى منى، وفي الرواية الأخرى، أنه طاف طواف الإفاضة ثم رجع فصلى الظهر بمنى فيتجوهون (1) ويقولون: أعادها لبيان الجواز! وغير ذلك من التأويلات!! قال ابن حزم في هاتين الروايتين: إحداهما كذب بلا شك.
وروى مسلم أيضا حديث الإسراء وفيه (ذلك قبل أن يوحى إليه) وقد تكلم الحفاظ في هذه اللفظة وضعفوها - وروى مسلم أيضا حديث " خلق الله التربة يوم السبت " (2)، وفي مسلم أيضا عن أبي سفيان أنه قال للنبي " ص " لما أسلم: يا رسول الله أعطني ثلاثا، تزوج ابنتي أم حبيبة، وابني معاوية اجعله كاتبا، وأمرني أن أقاتل الكفار، فأعطاه النبي ما سأل الحديث، وفي هذا من الوهم ما لا يخفى! فأم حبيبة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي، وأبو سفيان أسلم عام الفتح وبين الهجرة والفتح عدة سنين - وأما إمارة أبي سفيان فقد قال الحفاظ:
إنهم لا يعرفونها... ويذكرون عن الزبير بن بكار بأسانيد ضعيفة، أن النبي صلى الله عليه وآله أمره في بعض الغزوات، وهذا لا يعرف وما حملهم على هذا كله إلا بعض التعصب.
وقد قال الحفاظ أن مسلما لما وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي، فأنكر عليه وتغيظ وقال: سميته الصحيح، فجعلت سلما لأهل البدع