لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس (1) وأكذبه سعيد بن المسيب في أحاديث كثيرة، وقال القاسم: إن عكرمة كذاب يحدث غدوة بحديث يخالفه عشية، وقال ابن سعد: " كان عكرمة بحرا من البحور وتكلم الناس فيه وليس يحتج بحديثه " هذا على حين أن آخرين يوثقونه ويعدلونه فابن جرير الطبري يثق به كل الثقة ويملأ تفسيره وتاريخه بأقواله والرواية عنه، وقد وثقه أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى ابن معين وغيرهم من كبار المحدثين. من أجل هذا كله وقف جامعو الصحيح منه مواقف مختلفة، فالبخاري ترجح عنده صدقه فهو يروي له في صحيحه كثيرا، ومسلم ترجح عنده كذبه، فلم يرو له إلا حديثا واحدا في الحج، ولم يعتمد فيه عليه وحده وإنما ذكره تقوية لحديث سعيد بن جبير في الموضوع نفسه.
من هذا ترى صعوبة الحكم على مستوى الحال، ولم يسلم جامع كتاب حديث من ذلك لاختلاف الناس في الحكم على الرجال.
أحاديث البخاري وحكم من أنكر شيئا منها:
قال السيد رشيد رضا رحمه الله في جواب عن سؤال قدم له في ذلك:
لا شك في أن أحاديث الجامع الصحيح للبخاري في جملتها أصح في صناعة الحديث وتحرى الصحيح من كل ما جمع في الدفاتر من كتب الحديث، ويليه في ذلك صحيح مسلم، ومما لا شك فيه أيضا أنه يوجد في غيرهما من دواوين السنة أحاديث أصح من بعض ما فيهما، وما روى من رفض البخاري وغيره لمئات الألوف من الأحاديث التي كانت تروى يؤيد ذلك، فإنما نفوا ما نفوا لينتقوا الصحاح الثابتة (2): ودعوى وجود أحاديث موضوعة في أحاديث البخاري المسندة بالمعنى الذي