حفظا، إلا كتاب الصدقات والشئ اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء، حتى خيف عليه الدروس وأسرع في العلماء الموت، أمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمي (1)، فيما كتب إليه: انظر ما كان من سنة أو حديث فاكتبه.
وقال مالك في الموطأ رواية محمد بن الحسن: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم: أن انظر ما كان من حديث رسول الله، أو سننه فاكتبه لي فإني حفت دروس العلم وذهاب العلماء، وأوصاه أن يكتب له ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية - وكانت تلميذة عائشة رضي الله عنها - والقاسم ابن محمد بن أبي بكر.
أما أمر عمر بن عبد العزيز فقد كان على رأس المائة الأولى (2).
ويبدو أنه لما عاجلت المنية عمر بن عبد العزيز انصرف ابن حزم عن كتابة الحديث، وبخاصة لما عزله يزيد بن عبد الملك عندما تولى بعد عمر بن عبد العزيز سنة 101، ه وكذلك انصرف كل من كانوا يكتبون مع أبي بكر وفترت حركة التدوين إلى أن تولى هشام بن عبد الملك سنة 105 ه فجد في هذا الأمر ابن شهاب الزهري (3)، بل قالوا إنه أكرهه على تدوين الحديث لأنهم كانوا يكرهون كتابته - كما سيتبين لك بعد - ولكن لم تلبث هذه الكراهية أن صارت رضا ولم يلبث ابن شهاب أن صار حظيا عند هشام فحج معه وجعله " معلم أولاده " إلى أن توفي قبل هشام بسنة، وتوفي هشام سنة 125 ه، وبموته تزعزع ملك بني أمية ودب فيه الاضطراب.