وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين، إلى أن قال: واتفقوا أن آخر من كان من أتباع التابعين ممن يقبل قوله، من عاش حدود العشرين ومائتين، وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهورا فاشيا، وأطلقت المعتزلة ألسنتها، ورفعت الفلاسفة رؤوسها! وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن! وتغيرت الأحوال تغيرا شديدا (1)، ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن، وظهر قوله صلى الله عليه وآله ثم يفشو الكذب ظهورا بينا (2) حتى يشمل الأقوال والأفعال والمعتقدات والله المستعان!!
وقد اقتضى هذا الحديث أن تكون الصحابة أفضل من التابعين والتابعون أفضل من أتباع التابعين.. وقد احتج ابن عبد البر بحديث: مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أم آخره (3)، وهو حديث حسن له طرق قد يرتقى بها إلى الصحة.
وقد روى ابن أبي شيبة من حديث عبد الرحمن بن جبر قال رسول الله ليدركن المسيح أقواما إنهم لمثلكم أو خير - ثلاثا، وروى أبو داود والترمذي من حديث أبي ثعلبة رفعه: يأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين، قيل: منهم أو منا يا رسول الله؟
قال: بل منكم. وهو شاهد لحديث، مثل أمتي مثل المطر - وروى أحمد والدارمي والطبراني من حديث أبي جمعة قال: قال أبو عبيدة يا رسول الله أأحد خير منا!
أسلمنا معك وجاهدنا معك! قال: قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني.
وإسناده حسن وقد صححه الحاكم.
وقد تعقب كلام ابن عبد البر بأن مقتضى كلامه أن يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من يكون أفضل من بعض الصحابة وبذلك صرح القرطبي، ولكن كلام ابن عبد البر ليس على الإطلاق في حق جميع الصحابة فإنه صرح في كلامه باستثناء أهل بدر والحديبية، ولابن حجر كلام كثير في ذلك يرجع إليه.